لم تشهد السينما الهندية «بوليود» طوال تاريخها الطويل صراعا سينمائيا مثل الذي يحدث ونعيشه منذ فترة بين النجمين «أميتاب باتشان» والنجم الأصغر سنا «شاروخان»، فالأول عرض فيلم له كفيل بجعل الهند من شمالها إلى جنوبها تتسمر أمام الشاشات كونه تجاوز مرحلة أن يكون ممثلا بالنسبة إليهم فحسب بل تعدى إلى أبعد من ذلك، فهناك من يعتبره أبا روحيا لكل النجاحات الفنية والثقافية التي تتقدم فيها بلاد العجائب. «أميتاب» يشعر بثقله بين أبناء بلده ويشعر بالقيمة والأهمية التي وضعوها على عاتقه، وينبع من هذا الأمر رفضه لكل العروض الأجنبية التي تقدم له من هوليود للمشاركة في عالم الأضواء والشهرة والإبهار الأمريكي، ولم يفوت الظهور الإعلامي عبر الوسائل المحلية أو العالمية ليؤكد رفضه لمصطلح «بوليود» الذي يعني التبعية لصناع الأفلام والغرب ويؤكد أن الهنود قدموا أعمالا أنجح مما قدم الغرب، وإضافة إلى حضوره الطاغي سينمائيا يجيد الغناء وطرق أبواب السياسة والإنتاج ويمثل ثقلا ورمزية كبيرة للعمل السينمائي الهندي كونه قدم طوال مسيرته الممتدة على مدى ما يقارب أربعة عقود نحو 180 فيلما، هذه المسيرة الطويلة دائما ما يحاول النجم الآخر لسينما «بوليود» شاروخان التقليل منها والهمز واللمز في النجم الكبير كونه يستحوذ على مساحة انتشار كبيرة ويعتبر نجم الشباك في الفترة الأخيرة، وأحد هذه التصريحات التي استفزت الجمهور قوله إن «أميتاب» ذا ال66 عاما انتهى ويعاني أمراض الشيخوخة وذلك بعد إجرائه عملية جراحية ومعاناته مع مشاكل الكبد. «شاروخان» يحسب له أنه لفت الأنظار إلى الفيلم السينمائي في بلاده من خلال الحضور في المهرجانات العالمية وتواصله مع الصحف الأجنبية، حيث صنفته صحيفة التايم الأمريكية في المركز ال12 لأكثر الشخصيات نفوذا في العالم وحرصه على الانفتاح على الآخر، حيث تحضر أفلامه في مهرجانات عالمية مثل ال«أوسكار» و«تورنتو»، وأكثر ما يضايقه هو عند سماع الناس أثناء مروره في إحدى المدن الهندية لتصوير أفلامه وخاصة كبار السن يشيدون بخصمه اللدود «أميتاب باتشان». هذا التنافس المحموم يرى المراقبون أنه أضر سينما بوليود وقسم العاملين فيها إلى حزبين لدودين أحدهما يطلق عليه مجازا الحزب «الباتشاني» والآخر حزب «خان» ورفع أسعار التعامل في القطاع الفني، وتجاوز مرحلة التنافس إلى مرحلة جديدة من التحالفات كان آخرها زواج نجل أميتاب من النجمة ذائعة الصيت «إيشوريا راي»، وضمها للعمل في أفلام الشركة الخاصة بهم، وهذا الزواج الهدف منه استراتيجي أكثر من كونه اجتماعيا. والحقيقة التي لا يمكن أن تخفيها لغة الأرقام هي أن «شاروخان» 42 عاما، أصبح يتصدر شباك السينما في بلاد الفيلة والبهارات الحارة دون منازع طوال السنوات الخمس الماضية ويحظى بشعبية منقطعة النظير بين جميع الطوائف والأديان وخاصة المسلمين الذين استبشروا بنجوميته خيرا للتعبير عن قضاياهم بجدية، وذلك ما تم فعلا عندما قدم فيلم «اسمي خان» انتقاما من لحظات عصيبة عاشها في مطار نيويورك تعرض فيها للتحقيق والمساءلة وذلك في أعقاب ال11 سبتمبر، تطرق في الفيلم إلى العنصرية التي عاناها المسلمون من التهم التي تلقى عليهم جزافا. الحرب بين الطرفين ذهبت إلى أبعد من ذلك عندما تم تقليد صوت «أميتاب» ونبرته الحادة في أحد إعلانات التبغ وهو ما أثار محبيه الذين طمأنهم أخيرا بأنه سيلاحق المتسبب وسيسجل نبرة صوته كماركة لا يجوز لأحد الاعتداء عليها، أما شاروخان فقد عانى كثيرا بعد حديثه لوسائل الإعلام في بلده عن استيائه من عدم رؤية أي لاعب «كريكت» باكستاني في البطولة التي يحتضنها وطنه ذلك الحديث تم استخدامه من قبل بعض الجهات السياسية فتسبب في مظاهرات دامية في جانب من البلاد الهندية. بقي لنا القول إن التنافس الشرس بين نجمي بوليود سيكون من صالح المشاهد عاشق سينما الأكشن والرقص والرومانسية وحروب العصابات.