يتأكد في هذه الأيام المباركة التكبير المقيد بأدبار الصلوات المكتوبة, والتكبير المطلق في كل وقت إلى غروب شمس اليوم الثالث عشر للحجاج وغيرهم. وقد كان عمر رضي الله عنه يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون, ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيرا. وكان ابن عمر رضي الله عنهما يكبر بمنى تلك الأيام, وخلف الصلوات, وعلى فراشه, وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعا. وكانت ميمونة رضي الله عنها تكبر يوم النحر، وكان النساء يكبرن خلف أبان بن عفان وعمر بن عبدالعزيز ليالي التشريق مع الرجال في المساجد «صحيح البخاري»، بل بلغ من أهمية التكبير المقيد بأدبار الصلوات أن العلماء قالوا: يقضيه إذا نسيه, فإذا نسي أن يكبر عقب الصلاة فإنه يكبر إذا ذكر، ولو أحدث أو خرج من المسجد، ما لم يطل الفصل بين الصلاة والتكبير. وهكذا التكبير المطلق مشروع أيضا في السوق وفي البيت وفي المسجد وفي الطريق تعظيما لله تعالى وإجلالا له, وإظهارا لشعائره. أيام التشريق أيام ذكر الله تعالى وشكره، وإن كان الحق أن يذكر الله تعالى ويشكر في كل وقت وحين, لكن يتأكد في هذه الأيام المباركة. روى نبيشة الهذلي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله، أخرجه مسلم، وفي رواية للإمام أحمد «من كان صائما فليفطر، فإنها أيام أكل وشرب»، صحيح مسلم. وهي الأيام المعدودات التي قال الله عز وجل فيها «وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ»، البقرة: من الآية 203. وجاء في حديث عبدالله بن قرط أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أعظم الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القر»، أخرجه الإمام أحمد. ولما كانت هذه الأيام هي آخر أيام موسم فاضل؛ فالحجاج فيها يكملون حجهم, وغير الحجاج يختمونها بالتقرب إلى الله تعالى بالضحايا، بعد عمل صالح في أيام العشر, استحب أن يختم هذا الموسم بذكر الله تعالى للحجاج وغيرهم.