تأتي زيارة رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو الحالية لأمريكا، التي يختتمها اليوم بلقاء وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، عقب تصويت حكومته على دعم قانون «قسم الولاء» الذي اقترحه وزير الخارجية الأشد تطرفا أفيجدور ليبرمان، وأيده رئيس حكومته بالنسبة إلى المواطنين والمهاجرين غير اليهود في الكيان الصهيوني، بحيث يقضي بأن يقسم هؤلاء الأشخاص على ولائهم لدولة «إسرائيل اليهودية». أليست هناك حدود لما يمكن أن تقبله الحكومة الأمريكية من رئيس الوزراء الصهيوني ووزير خارجيته المتشدد ليبرمان؟ السؤال طرحه أحمد الطيبي عضو الكنيسيت رئيس الحركة العربية للتغيير في فلسطينالمحتلة في صحيفة «هيرالد تريبيون» الدولية، فقد بدا الأمر كما لو أن المهاجرين المكسيكيين إلى أمريكا سيضطرون إلى القسم بالولاء لأمريكا البيضاء البروتستانتية، في حين أن المهاجرين من أوروبا لن يطلب منهم مثل هذا القسم. وردا على الاستنكار الدولي -بغض النظر عن الصمت الذي التزمه المسؤولون الأمريكيون- فقد طالب نتنياهو بإجراء تعديل على القانون من شأنه فرض القسم على جميع المهاجرين، سواء أكانوا يهودا أو غير يهود، ولكن ثمة خطأ يشوب قسم الولاء أكبر بكثير من مجرد الإصرار الأصلي على تطبيقه على غير اليهود فقط، فالقسم بالولاء لإسرائيل «كدولة يهودية» وديموقراطية ينطوي على مغالطة منطقية، ويعد محاولة للهبوط بالمواطنين الفلسطينيين في إسرائيل إلى مكانة أدنى. فالمواطنون الفلسطينيون في الكيان الصهيوني يمثلون 20 % من السكان، ويعد إصرار بعض القادة اليهود على صفة «اليهودي» ضربة للفلسطينيين الذين جاهدوا على مدى أكثر من 60 عاما للحصول على حقوق متكافئة في هذا الكيان المغتصب، وعندما يكون هناك ما يربو على 35 قانونا للتمييز ضد الفلسطينيين، ومع وجود عدد أكبر من القوانين التي تشق طريقها عبر الكنيست، فقد تأخر الأمريكيون طويلا على مساءلة زعمائهم السياسيين عن السياسات التي تمولها أموال الضرائب بهدف دعم تل أبيب. يحدث هذا في ظل المساعي الصهيونية الحثيثة لجلب المزيد من المهاجرين اليهود إلى فلسطينالمحتلة، بينما تعمل بدأب ضد عودة الفلسطينيين أصحاب الأرض إلى بيوتهم وممتلكاتهم التي تعرضت للسرقة. وبلغت غطرسة نتنياهو أخيرا واستخفافه بالفلسطينيين والعرب والمجتمع الدولي بأسره، أن صرح بأنه إذا أخبرت القيادة الفلسطينية شعبها بشكل مباشر وصريح أنها تعترف بإسرائيل كدولة ووطن للشعب اليهودي، فسيكون على استعداد للاجتماع بحكومته ومطالبتها بتمديد تعليق إنشاء «المستوطنات» لفترة محدودة. وهذا الاعتراف بيهودية الدولة يعني أن المسؤولين الصهاينة لا يكترثون على الإطلاق بعملية السلم، وأن «يهودية الدولة» لن تسفر إلا على التشجيع على هجرة المزيد من يهود العالم إلى فلسطينالمحتلة، ممن يظنون أن كونهم يهودا يمنحهم الحق في الإطاحة بحقوق الفلسطينيين المقيمين هناك منذ قرون، فضلا عن أن ذلك يعني تنازل الفلسطينيين عن حق العودة، وتعزيز فكرة التفوق العرقي للدولة اليهودية، و«شرعنة» الإجراءات المترتبة على ذلك، ويصبح وجود الفلسطينيين مجرد وجود صوري. وكل هذا مقابل ماذا؟ شهران من التجميد المحدود للمستوطنات في الضفة الغربية؟ إن إسرئيل تنتهك القانون الدولي على طرفي المعادلة، بحظرها عودة اللاجئين الفلسطينيين، وببنائها مستوطنات محظورة بموجب القانون الدولي وقرارات الأممالمتحدة. ولو كانت الوساطة الأمريكية تتمتع بأقل قدر من النزاهة والموضوعية لطالبت حليفتها المدللة بإقرارالمساواة السياسية والمدنية الكاملة والمتكافئة للمواطنين الفلسطينيين في الكيان الصهيوني، ومعاملتهم معاملة عادلة، من حيث التكافؤ في الإنفاق المالي وتوزيع الموارد والبنية التحتية، ولن تكون أمريكا هذه وسيطا نزيها ما دامت ترتضي دعم وتشجيع القيادات الصهيونية التي تسعى سعيا أهوج وأرعن نحو ترسيخ مبدأ التفوق التشريعي لليهود على الفلسطينيين