دخلت قضية الزوجة السعودية المعلقة منذ 15 عاما، مرحلة الحسم بعد أن قررت المحكمة العامة بجدة إعادتها إلى محكمة الاستئناف بمكة المكرمة، وسط ترجيحات بأن تقضي الأخيرة خلال أيام بحكم مختلف عن الصادر سابقا برفض طلب الزوجة «الطلاق». وتنقلت القضية بين أروقة محاكم غميقة والليث وجدة، لكنها أعيدت من قبل محكمة الاستئناف للمحكمة العامة بجدة دون تصديق الحكم الصادر بها، ومرفقة بملاحظات عليه من قبل الدائرة المختصة. وأحيلت القضية إلى قاض جديد بمحكمة جدة العامة غير الذي حكم فيها سلفا، وذلك بعد انتقال ناظرها السابق لمحكمة أخرى، فتم عقد جلستين لها يومي 15 أكتوبر و 16 نوفمبر الماضيين بوجود الزوج الذي استجاب لطلب المحكمة بالحضور، بعد أن وجهت له العديد من الاستدعاءات الرسمية. وتم نظر القضية ومداولتها في هاتين الجلستين استنادا إلى ملاحظات محكمة الاستئناف على الحكم السابق. وعلمت «شمس» أن الملاحظات التي تضمنها قرار محكمة الاستئناف من جهة وكذلك مضامين المخاطبات بين الاستئناف وناظر القضية الجديد تركزت على تطبيق المادة 188 من نظام المرافعات الشرعية التي تتضمن أن يتم نظر القضية من قبل ناظر جديد، وهو ما يشير إلى الأخذ في الاعتبار بحيثيات ومعطيات أخرى لصالح المدعية. ومعلوم أن نصوص المادة المذكورة تقضي بدور مباشر للدائرة القضائية المحالة لها القضية بمحكمة الاستئناف في إصدار حكم بديل للحكم السابق الذي تم رصد الملاحظات عليه، ما يشير في مجمله إلى أن الأمر يسير باتجاه الاستجابة لطلب الزوجة «فسخ عقد الزواج»، وبالتالي إنهاء القضية. وكان ناظر القضية السابق بمحكمة جدة أصدر حكمه بصرف النظر عن دعوى الزوجة حامدة.م، استنادا إلى وجود حكم بنشوزها صادر من محكمة غميقة بالليث عام 1417ه «وتسلمته الزوجة عام 1422ه» ولعدم إثبات الزوجة تعرضها للضرب والإيذاء الجسدي. موقف الزوجين خلال الجلستين رفض الزوج تطليق «حامدة» إلا إذا دفعت له المهر، فيما أكدت الزوجة أن مغادرتها بيت الزوجية في عام 1417ه يعود لاستحالة تحملها للمعاملة القاسية والممارسات الخارجة عن الإنسانية من قبل زوجها وخاصة استخدام الضرب المؤذي. وذكرت الزوجة أن وقائع الضرب مثبتة بتقارير طبية وبحكم قضائي صدر به صك من محكمة غميقة التي قضت بتعويضها بمبلغ 8250 ريالا، مؤكدة أن الشرطة نفذت ذلك الحكم واستبقت الصك وملف القضية لديها كما هو متبع، وأنها لا تستطيع طلبه من الشرطة، وبإمكان القضاء القيام بذلك. أما عن الحكم الصادر ضدها بالنشوز فقالت حامدة: «تركت بيت الزوجية نظرا لاستحالة استمرار الحياة في ظل ما كنت أتعرض له على مدة 13 عاما سبقت حكم النشوز الذي نتج من سوء معاملة الزوج والضرب المؤذي والممارسات الخارجة عن الإنسانية». وأضافت: «عندما صدر الحكم ضدي استجبت لما تضمنه وعدت لبيت الزوجية ومكثت تسعة أشهر ألُزم زوجي خلالها ببعض الالتزامات مثل المعاملة بالحسنى وتأثيث المنزل وخلافه، لكنه لم ينفذ شيئا من ذلك واستمر سلوكه معي من حيث الضرب والإيذاء النفسي والجسدي وانتهى به الأمر إلى طردي من المنزل ومنعي من رؤية أبنائي ومنعهم من مجرد ذكري». وتابعت: «بل إنه أوقف ابنتي عن الدراسة وحرمها من التعليم عندما علم أني ذهبت لرؤيتها بمدرستها».. وإثر انتهاء الحياة الزوجية والأسرية لحامدة، بدأت حياة ومرحلة أخرى من التنقل بين المستشفيات لإجراء عمليات جراحية للعلاج من أمراض السكري، ضغط الدم، القلب وهي أمراض تقول إنها نتجت من 28 عاما من مكابدة الآلام والمعاناة والصبر على ما لا يحتمل من الأذى والعذاب النفسي والجسدي. كما أن جزءا من حياتها أصبح مخصصا للتنقل بين المحاكم والشرط للمطالبة بفسخ عقد النكاح في رحلة تقول إنها أخذت منها أعواما هي الأهم والأجمل في حياة أي امرأة أو أم أو زوجة.. وتتذكر حامدة رحلتها التي تلت انتهاء حياتها الزوجية قائلة: «انتقلت مع والدي، وهو مسن مقعد، ولا أحد له سواي، إلى جدة، حيث لم يعد هناك شيء يربطني بالمكان الذي عشت فيه مبكرا ولم أعد قادرة على رؤية أولادي أو الاتصال بهم». وأضافت: «منذ 13 عاما لم أر ابنتي، بينما ولدي لم يتمكن من ذلك إلا بعد بلوغه 25 عاما ولكن دون علم أبيه.. المسكن غرفة والدخل صفر وقفت «شمس» على المسكن الذي انتهت حامدة للجوء مع والدها إليه، وهو عبارة عن غرفة بأحد الأربطة الخيرية. أما دخل حامدة ووالدها فتقريبا صفر في ظل انعدام أي مصدر مادي للعيش لهما سوى إحسان وتبرعات المتصدقين، علما بأن زوجها «معلقها» يتمتع بإعانتها من الشؤون الاجتماعية لأنها ما زالت مضافة إليه في بطاقة العائلة. لكن حامدة تقول، إنه على الرغم من صعوبة الحياة وبؤسها، إلا أنها أفضل من الحياة الزوجية التي كانت تعيشها. وعرضت «شمس» حالة حامدة وأوضاعها المعيشية الصعبة على المدير العام للضمان الاجتماعي بجدة محمد اللحياني فأبدى تجاوبا ووعد بدراسة الحالة. وقال: «سيتم ذلك في ضوء الضوابط والشروط المحددة نظاما، التي تستطيع المرأة بمقتضاها الحصول على مخصص من الضمان ومتطلباتها من الوثائق وخلافه»، مؤكدا أن «حالات النشوز تستلزم وجود حكم بذلك». وأضاف: «تسجيل الحالات النسائية يستلزم حكما شرعيا قطعيا، ولا يمكن أن يتم بمجرد الادعاء». وقال موضحا: «المطلقة تعتبر عائلة لأبنائها إذا أثبتت أن الزوج لا ينفق عليها، ومن الحالات المحددة في النظام تلك التي يشهد لها اثنان من أولى القربى كإخوانها أو الأعمام والأخوال بأن زوجها لا ينفق عليها». أما في الحالات التي لا تكون فيها المرأة قادرة على الذهاب إلى المحكمة فيمكن لها أن تأتي باثنين من عصبتها ليتم تسجيلها في الحال.. وذكر اللحياني أن المرأة تستحق ضمانا في الحالات التي تثبت بصك عدم قيام الزوج بالنفقة عليها، حيث يتم على الفور فصلها عنه وإصدار بطاقة خاصة بها. أما إذا لم يكن هناك إثبات بصك لعدم إنفاق الزوج فتعطى المرأة خطابا من الوحدة النسائية بالضمان موجها للمحكمة وبناء على ذلك يتم تسجيلها باليوم الثاني لاعتماد المحكمة للخطاب، حيث يرفع طلب لفصلها عن زوجها في الضمان وإصدار بطاقة خاصة بها .