أنا في مزاج «غائم»! وأكبر خطأ ممكن أن أقع فيه أن أبدأ يومي بفيلم حزين، لأني ولبقية اليوم لن أجد ما أفعله، في ظل العطالة المعنوية التي أعيش، سوى حمل هم الضحايا ومحاولة وضع سيناريو لجزء ثان قد يرضي نزعتي الانتقامية من الأشرار، بالرغم من أنني من كثرة التفكير سأجد نفسي أضع للأشرار أعذارا، بينما أقضم شفتي حتى تتورم، وهذا ما أفعله وقت القلق، حتى أثبت أنني أتفهم وأتعاطف معهم أحيانا. فكل الحكايات في الأفلام لها مثيل واقعي أشد بؤسا، وقد يكون الأشرار ضحايا من نوع آخر، وهذا الجزء المتمثل بالتعاطف مع الأشرار لن يحدث مع الفلم الإيراني «رجم ثريا» المقتبس من قصة حقيقية حدثت في إيران. لا أستطيع نسيان نظرات ثريا المظلومة بينما ابنها ووالدها يشاركان في رجمها, والكبرياء التي تهتز خوفا تحت فستانها الأبيض.. هل دار في أعماق القماش حينما صنع أبيض أنه عند غروب شمس يوم ما سيصبح أحمر قانيا ويشكل الدرع الوحيدة لجسد مرتعش؟ أو أنه الشاهد الوحيد لخفقات قلب أكل منه الظلم قضمة والحزن قضمة والخوف قضمة، ورُميت قطعة صغيرة خرجت من بين كل هذا خلف القضبان، لا بل طلبوا منها بكل حماقة أن تنبض وكأن شيئا لم يكن. تخيلوا أنني حتى أهرب من متابعة الخط الأحمر الذي انطلق من جبين ثريا نحو الأرض، كنت أفكر لماذا لون الإعدام هو الأبيض؟ أهو استعجال وتكفين سريع لميت حي؟ أشغلتني بقية اليوم شهقة البكاء التي لم ترد ثريا أن تخرج بها أمام الكم الهائل من الظلم الذي تواجهه، هي شهقة هروب.. محاولة لفك شفرة غريبة. فأي الأحضان تهرب إليها إن جاءها الظلم من الأقربين؟ أي الطرق تسلك؟ في حالة ثريا، الهرب إلى الجنة أثناء انهمار مطر الحجارة بوابة كبيرة اتسعت ل «كل شيء» أرادت أن تحمله معها شهقات، كبرياء، حزن, دموع, حلم أبيض لم ينته بعد، وبراءة لم تطق الصمت طويلا فأرسلت إشارتها للعالم في اليوم التالي لموت ثريا. إياكم والأفلام الحزينة الواقعية في أول النهار، خصوصا تلك التي لن تستطيعوا أن تتعاطفوا مع أشرارها أبدا، فالأفلام الحزينة يجب أن يكتب عليها كما لو أنها علبة دخان: «قد تضر بالصحة شاهدوها آخر النهار مع حبوب مهدئة أو منومة»، فهذا يجعل من الحزن ماضيا متمثلا في يوم أمس وليس أفكارا تحشر نفسها قسرا طوال اليوم بين لحظاتكم. مدونة مشاعل العمري