آليات وقف الحرب تفشل بين إسرائيل والجماعات المسلحة    قمة بوتين لتحدي الغرب في الساحة العالمية    أمريكا تثبت دعمها لكييف بزيارة رابعة لوزير دفاعها    الأهلي يتألق قاريا    منصة "أبشر" تستعرض خدمتي تسجيل المواليد والوثائق الرقمية    المنتدى السعودي للإعلام يُعلن موعد انطلاق نسخته القادمة من 19 إلى 21 فبراير 2025    نيوم يحلق بصدارة «يلو».. وتعادل الباطن والزلفي    وزير التعليم يرعى احتفال مركز اليونسكو الإقليمي ويكرّم مدن التعلّم    هلال «يخزي العين»    توقيع مذكرة تفاهم بين نستله للعلوم الصحية في السعودية وبرنامج تحول القطاع الصحي    كبار السن يستمتعون بموسم الرياض مجانا    الحرف الهندية تروي حكاياتها من قلب الرياض    الناصر: تحول الطاقة يتطلب استثمارات ب200 تريليون دولار    استطلاعات اللحظة الأخيرة تشير إلى تقدم ترمب    100 شركة عالمية تتأهل لنهائيات كأس العالم لريادة الأعمال بالرياض    "الأفلام" تقيم ملتقى النقد السينمائي في الأحساء    ملتقى سعودي للدراسات العليا بجامعة الأميرة نورة    لو علمتم ما ينتظركم يا أصحاب البثوث    مدرب النصر: سنواجه منافس قوي وحضرنا لإنتزاع الفوز    جدة: القبض على مقيمين لترويجهما مادة الحشيش المخدر    المملكة تسجل ارتفاعاً نوعياً في نتائج الدراسة الدولية    14 ألف جولة على التشوه البصري في القصيم    الذهب عند ذروة جديدة.. وارتفاع معظم أسواق الأسهم    وصول الطائرة الإغاثية السعودية التاسعة لمطار بيروت    الاحتلال يقصف فروع «القرض الحسن».. ويفجر منازل في بلدات لبنانية    نائب أمير الشرقية يستقبل رئيس جامعة الملك فيصل    الفضلي: إيجاد توازنٍ بين التنمية الزراعية والموارد الطبيعية    وزير المالية يترأس وفد المملكة في اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين    نائب أمير الرياض يرعى حفل أصدقاء لاعبي كرة القدم الخيرية    ختام مسابقة القرآن والسنة في إثيوبيا    وزير الحرس الوطني يستقبل سفير أوزبكستان لدى المملكة    بيان اتفاقي حول القرارات التحكيمية في لقاء العروبة    مستشفى صحة الافتراضي يحصل على شهادة غينيس كأكبر مستشفى افتراضي    تست4    الأمير سعود بن مشعل يطّلع على وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية    أمير جازان يستقبل قائد قوة أمن المنشآت بالمنطقة    الأمير سعود بن نهار يستقبل قائد قاعدة الملك فهد الجوية المعين حديثًا    واشنطن: إسرائيل وحدها من يقرر طبيعة الرد على إيران    خادم الحرمين يصدر أمراً ملكيّاً بترقية وتعيين 50 قاضياً بديوان المظالم    وزير الدفاع يجري اتصالًا هاتفيًا بوزير الدفاع البريطاني    "الوقاية من سرطان الثدي".. مبادرة أكاديمية إبداع في صامطة    هطول الأمطار على جازان وعسير والباحة ومكة    1,776 سلة غذائية وحقيبة صحية للمحتاجين في إدلب    نور يحتفل بانتصار العميد مع أحفاد اللامي    الرقابي يرفع شكره للقيادة لإقامة مسابقة حفظ القرآن في موريتانيا    تعزيز التعاون البرلماني بين «الشورى» و«الشيوخ الفرنسي»    4 مكملات غذائية تعزز مناعتك !    57 % من الموظفين يتعرضون للضغط العصبي.. و19 % يسعون للعلاج    5 نصائح للحفاظ على نظافة أغطية السرير    معرض سلامة واستدامة الطرق.. نوفمبر المقبل    الخيانة بئست البطانة    القيادة تعزي ملك البحرين وتهنئ رئيس أذربيجان    « نجانو وإبلين وسايبورغ» أبطالًا لنزال «معركة العمالقة» بالرياض    محافظ جدة يطلع على برامج "المبادرات المتميزة"    أمانة جدة والازدحام المروري    السعال المزمن قد يكون وراثياً    نجران تستقبل مبتكرا لعلاج السرطان    مسابقة خادم الحرمين لحفظ القرآن في موريتانيا تنظم حفلها الختامي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في عصر الجوال.. أنتَ موجود دائما
نشر في شمس يوم 05 - 11 - 2010

منْذُ أن وصَلَنا الاختراع المخيف الذي يسمّى «الجوّال» أو «الموبايل» أو «المحمول» أو «الخَلَوي»، ونحن في حيرة من حياتِنا الشّخصيّة مثلَ حيرتِنا من تعدُّدِ تسْمياته في دولنا العربيّة المختلفة التي تشير إلى أهمّيته كما هي الفلسفة العربيّة في أسماء الأسَد، ليولَدَ في نفسي شعورٌ متنام ومتثاقِل بمَحْوِ الخصوصيَّات من أذهان النّاس والمجتمعات حتّى لا يبقى ممّا تسعى للاحتفاظ به لنفسِك شيء.
وحقيقةُ الأمر أنّ كلّ جديدٍ في التّقنيات التي تفرّغت في الأعوام الأخيرة لإثراءِ الاتّصال بين بني البشر بوسائل وطُرُق لا يمكنُ التكهّن بنهايتِها أو مراميها، له من المكانة والحبّ في قلوب النّاس؛ ما يجعلهم يتهافتون لاقتناء الأجهزة والاشتراك في الشّبكات التي تقدّم لهم خدماتٍ تجعلهم أقربُ لمن يريدون التّواصل معه ولو دونَ هدَفٍ أو دونَ انتقاء.
ربّما فُقدان النّكهة الاجتماعيّة في اللقاء بين الإنسان وأخيه الإنسان هي التي جعَلت الإنسانَ نفسَه بطبيعته الفضوليّة يبحث عن بدائل لتكونَ حياتُه ذاتَ طابع أكثرُ متعة له ولمن يعيش معه وحوله، فعكَفَ على تسخير كافّة الذّخائر الموجودة في الّطّبيعة لاتّخاذ دروبٍ أقصَر لمقاصده وغاياتِه.
أمّا نحن فنستفيدُ بشكل مباشر وجميل وعمليّ من هذا التّواصل عبر «الجوّال» في أحوالنا الطّارئة والمهمّة التي كنّا نقضي أوقاتٍ طويلة ليتمّ لنا ما نهفو إليه، لكنّ الطّامّة أو المشكلة هي تلك الملامح والآثار الجانبيّة والعَرَضيّة التي عكَسَت استخدامنا الخاطئ للأشياء في أمراضٍ شخصيّة واجتماعيّة يعاني منها كلّ من يملك هاتفا من هذا النّوع وإن لم يصرّح بها.
فكَونُك تبقى «تحتَ الطّلب» وبرسمِ الاتّصال خلال ال 24 ساعة، فهذا من لوازِم حمْلِكَ لهذا الجهاز العنيد، وكونكَ كذلك تكونُ ميسّرا لكلّ من تخطُر بباله ويقرّر في ثوان معدودة أن ينتقي رقمَك من سجلّ أرقامه التي يحتفظ بها في جهازه ويعطي إشارة البدء في إزعاجك أو الاتّصال بك دون أن يلمح التّوقيت أو يفكّر في غرضه من ذلك الاتّصال؛ فهذا أيضا من أقدار الله في «جوّالاتِنا».
وعليكَ أيضا أن تخضع لاختراق الرّسائل التي تخبرك بالجديد في مجالات الدّعايات والإشهار لأيّ بضاعة حتّى ولو كنت في سريرك تغطّ في نومٍ عميق فأنتَ متاحٌ لأيّ إعلان في أيّ وقتٍ بمجرّد تسجيلك ضمن المشتركين، ليسهُل افتراسُك من قبل المستثمرينَ في عقول النّاس برسائل SMS.
ومن ضروريّات استخدامك لهذا الجهاز أن تتعلّمَ أساليب الاعتذار ومداراة الآخرين لكي تسلَمَ من ملامتهم وعتابهم على عدَم ردّك على اتّصالهم ويجبُ عليكَ أن تسعى لتجهيز قائمة طويلة من الأعذار «الجوّاليّة» لتختار منها ما يناسب المتّصل ووقت اتّصاله ونوعيّة هدفه.
ولكَ أن تكونَ كريما في تعاملك مع المكالمات التي لم يردّ عليها وتقوم بالاتّصال على من لم يجدك حال تشريفه لجوّالك إن كنتَ تعرفهُ، وإنْ كنتَ ممّن يغتالهم الفضول وحبّ الاستطلاع فضريبة ذلك أن تدفع فاتورة قويّة لتُرضي تلك الرّغبة وتتّصل بكلّ من رأيتَ أرقامَه ولمْ تُسْعفك ذاكرتك بمعرفة هويّته..
وحينَ يرتبط الجوّال بعمَلِكَ ومهنتك وكنتَ تعمل مع فئة تعتبر زمالة العمل صداقة وزمالة، بل قرَابة من الدّرجة الممتازة تكشّفَتْ معها كلّ حُجُبُ الخصوصيّات «والمِيَانَة» فهناكَ ستكونُ رهْنَ موضوعات العمل حتى ولو انتهت ساعاته أو كنتَ في إجازة، فأسهل ما يحلّ مشكلاتٍ واجَهتْ أيّ شخص يشترك معك في عملٍ هو الاتّصال بك .
لا أستطيع أبدا أن أحدّدَ العلاقة التي تربطنا بالجوّلات سوى أنّها أصبَحت «شقيقة النّفس» لدرجة كبيرة، ومحبّتها عند أصحابها تفوق حبّ مفاتيح الخزائن وأرقام الحسابات السّريّة، ولها من القُرب في كلّ ما يعني الإنسان ويخصّه ما ليس للملابس ولا للهواء النّقي والماء البارد، وأضحتْ رسائل التهنئة بالمناسبات والأعياد تغني عن كلّ اتصال أو قدوم ، فهوَ نصّ واحد تكتبُه وسيصل الجميع دون رائحة أو لون أو طعم.
وحُقّ للذين يُفردون أبوابا وأقساما خاصّة في مواقعهم الإلكترونيّة للجوّالات وهوَسها وأغراضها وجديدها ومستلزماتها؛ فالباحثون كُثْر والنّهِمون سيْل، ولنْ يعفيكَ من كلّ هذا الزّحام والطّلب والتّواجد المستمر سوى أن يكونَ هاتفك دوما في حالة النّعاس أو النّوم ليردّ التّسجيل: إنّ الهاتِف المطلوب لا يُمكن الاتّصال به الآن!
لكنّ خدَمات الاتّصالات رغم حرصِها على جذب العملاء إلا أنّها كما تخدم المحتفظين بأنفسهم خارج دائرة الفوضى بإغلاق هواتفهم خدَمت الفضوليين بأنّكَ عندما تفتح جهازك سوف تأتيك رسائل من اتّصلوا بك فلا عذرَ ولا مناصَ إذَن سوى لا حولَ ولا قوّة إلا بالله العلي العظيم.
مدونة: محمد أحمد بابا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.