لست مع الغش ولا التقليد ولا سرقة جهد وأفكار الآخرين، لكني أيضا لست مع الاستغلال والاحتكار. مصلحة الجمارك ووزارة التجارة تخوضان حربا شعواء ضد البضائع المغشوشة وقطع غيار السيارات المقلدة، وهذا أمر مطلوب ولا جدال فيه. ولكن ألا يتطلب ذلك حربا أخرى لمنع جشع التجار؟ فحربهما تلك ليست لصالح المواطن بل لصالح التجار الذين يدعمون هذه الحرب كي يمارسوا هوايتهم باستغلال المواطن البسيط وإجباره على الشراء بأسعار ترضيهم.. وترضيهم فقط. سوق البضائع المقلدة على الرغم من سوئه وضرره لكنه يبدو هو الرادع الوحيد لمنع زيادة أسعار البضائع وقطع الغيار الأصلية. فهو الذي يجبر الكثير من التجار على جعل الأسعار معقولة كي تستطيع المنافسة. ومع زوال هذه السوق وعدم وجود تنظيمات واضحة للحد من زيادة الأسعار واستغلال التجار، فإننا سنكون لقمة سائغة لهم ولجشعهم. مثلا.. سوق قطع غيار السيارات المقلدة بحسب تصريح وزارة التجارة يمثل 45 % من إجمالي سوق قطع الغيار، وزوال هذه السوق بحسب خطة الوزارة ومصلحة الجمارك سيمثل هدية ضخمة جدا ولذيذة لأصحاب وكالات السيارات وشركات قطع الغيار، وسيخلو لهم الجو، ويبيضوا ويصفروا وينقروا كما يحلو لهم. الهدف الرئيسي المعلن لهذه الحرب هو مصلحة المواطن أولا الذي تقول بخصوصه الوزارة إن كثيراً من الوفيات سببها قطع الغيار المقلدة، لكنها عندما لا تشرع حفظ الأسعار من الجنون فإنها تحيي من جهة لتميت من جهة أخرى أضعاف ما أحيت. نحن كمواطنين لم نسمع يوما عن قرار بإيقاف ارتفاع أسعار بضاعة ما أو تغريم تاجر بسبب ذلك. بل نسمع كل يوم عن بضائع تتقافز أسعارها كبورصة مجنونة لا تتوانى عن استثمار أي خبر أو قرار لمصلحة المواطن كي تمارس عليه جشعها وطمعها حتى إن الناس بدؤوا يتوجسون خيفة من أي خبر زيادة دخل أو امتيازات أو حتى إجازة عرضية! حربكم لن تكون كذلك حتى تصب في مصلحة المواطن.. أولا.