كثير من النقاد العرب يعتبرون هوليوود- مركز صناعة أفلام الأكشن والنجوم الأول في العالم- منبعا للعدائية ضد التراث الشرقي والدين الإسلامي، مستشهدين في ذلك بعدد من الأفلام التي تناولت الصورة النمطية للعرب بأنهم يعيشون في الصحراء، ولا يملكون سوى خيمة وبضعة جمال.. في المقابل هناك فريق يرى أن الحساسية الزائدة عن اللزوم تجاه النقد من الغير هي ما دفعت البعض لإحياء نظرية المؤامرة ومحاولة رمي التهم على هوليوود التي لم يسلم منها حتى الأمريكيون أنفسهم.. أنتم من خلال شغفكم بمتابعة السينما الأهم هل تعتقدون أن الإيديولوجيا هي من تحرك صناع الأفلام، أم أن الأمر عادي ولا يحتمل كل هذه الظنون؟! في البداية لم يمهلنا طويلا حتى علق أحمد حسن وذكر أنه لا يفهم المعنى التشريحي لمفردة «إيديولوجيا» لأنه لا يهتم بكل ذلك، وأوضح أن هوليوود في كثير من أعمالها قد تعرض رجلا يرتدي كوفية أو عقالا وتصوره على أنه همجي، وذلك نابع من نظرة الآخر لنا والتي لا نستطيع أن نغيرها بسهولة «لماذا تذهبون بعيدا أوليست السينما المصرية تحصر صورة الخليجي في الزواج والأندية الليلية؟!» وذكر أحمد ابن العشرين ربيعا أن الشخصية الآسيوية لم تسلم من التهكم من قبل مخرجي هوليوود؛ لأنها في نظرهم منبع الشر والمشاكل. «ريحانة» رأت أن صناع السينما في المنطقة التابعة لولاية كاليفورنيا ينظرون إلينا نظرة احتقار؛ لأننا لم نقدم شيئا مهما للبشرية على حد وصفها «هم يتصدرون الصناعات والاقتصاد والعلم ويصدرون للعالم منتجاتهم في المقابل نحن نستريح على الوسائد الوثيرة، ونعيش على الأمجاد وننتظر من الآخر أن يمجدنا». وبينت ريحانة أنها تتعامل مع السينما كعمل إبداعي ولا ترتدي نظارة سوداء أو تعاني من اكتئاب. أما عبادي فقد وصف الأمر بالمعركة الثقافية وطالب المنتجين العرب بدلا من صرف الأموال على أعمال لا تسمن ولا تغني من جوع أن ينفقوها فيما يحسن صورة الإسلام لدى الغرب الذي يخيل له أننا لازلنا نأخذ الماء من الواحة القابعة وسط الربع الخالي «نحن لدينا منتجات حضارية وثقافية ،فمن يستطيع تسويقها إلى الأمم الأخرى؟!» حصة ذهبت بعيدا في رأيها ورأت أن المسألة إعلامية بحتة، ولا بد من مواجهتها بنفس الأداة «إعلامنا سطحي جدا ولا يمتلك ثقافة أو ينطلق من دوافع فكرية تجاه الآخر، ولا يستطيع أن يكون ندا قويا وهو حتى البرامج يستوردها من الغرب». أحد المتفاعلين والذي رمز لاسمه بالدكتور سعدان أوضح أن هذه النظرة ليست وليدة اليوم بل منذ اليوم الأول لانطلاق هوليوود وشدد على أنها ستواصل نهجها طالما أنها تريد تفخيم صورة الأمريكان لدى الشعوب وغرس عدد من مفاهيم القوة والكبرياء في النفوس «هذه سياسة منظمة من أجل تقديم صورة ذهنية عن الإنسان الأمريكي أنه المنتصر دائما ولا يعرف القهر أو المستحيل، وللأسف أنها انطلت على كثير من السذج». «نجوى الحجازية» وضعت ضحكة عابرة، ووصفت تعليقات الآخرين أنها نابعة من نظرية المؤامرة التي تحاك ضد الشعوب العربية والإسلامية وقالت بتهكم «ياحسرة هم من يملكون التكنولوجيا والتقدم ونحن نتأخر عنهم بأعوام، وباعتقاداتكم هذه أظن أنكم تضعوننا في مركز الند للند». من جهتنا حصلنا على إحصائية في تقرير قدمته قناة الجزيرة أنه بين أكثر من ألف فيلم أمريكي تناول العرب والمسلمين لايوجد سوى 12 فيلما كانوا يعرضون صورة حسنة عنهم، وعرضت القناة تقريرا وثائقيا في نوفمبر عام 2007 وبثته عبر موقعها بعنوان «العرب الأشرار» يفضح بشكل مباشر وجريء الأساليب التي تنتهجها هوليوود في إظهار الصورة النمطية السيئة ضد العرب التي تعكس النظرة العنصرية عنهم وتصورهم- بشكل مقزز ويدعو إلى الخجل. ويعد هذا الفيلم -الذي رفضته عرضه الكثير من دور السينما باعتباره فيلما دعائيا يفضح المستور- سابقة في تاريخ السينما، وقد لاقى موزع الفيلم معارضة شديدة في سبيل ترويجه؛ ما اضطره إلى اعتماد الأقراص المدمجة للترويج له. ويستند الفيلم في مرجعيته إلى كتاب بعنوان «الصورة النمطية السيئة للعرب، وكيف تحط هوليوود من قدر الشعوب؟» للكاتب «جاك شاهين»، حيث يعالج المؤلف صورة العربي في السينما الهوليوودية وتأثير تلك الصورة في شعوب أمريكا خاصة والرأي العام عامة. وتتجلى تلك الصور المضادة للعرب في أنهم وحوش مرتزقة وبرابرة متعطشون للحروب يركضون وراء المادة ويعشقون الجنس ومحرومون، والعربي في المنظور الهوليوودي هو بدوي وقاطع طريق، ويحتقر المرأة ويعتبرها أداة للزينة. ومن بين تلك الأفلام التي شاعت بين شعوب أوروبا جميعها فيلم «علاء الدين» الكرتوني الذي يعد من أنجح أفلام ديزني عام 2000 وقد شاهده ملايين الأطفال، وهو يصور أرض العرب بأنها مرتع الخوف والرعب وأناسها يتصرفون كالبربر ويقتلون من يكرهونه. كما تسلك أفلام أخرى مثل فيلم «جوهرة النيل» وفيلم جيميس بوند «لا تقل أبدا أبدا مرة أخرى» وفيلم «صحارى» نفس المسلك بالتشنيع بصورة العربي المثير للضحك ذي المظهر الدنيء الذي ينساق لتلبية غرائزه في صورة أقل ما توصف بأنها مقززة وتنأى عن الموضوعية. ومن المعروف أن السينما الهوليودية تأثرت دائما بقرارات أهل السياسة واللوبي المعادي للقضية الفلسطينية التي أصبح من خلالها الفلسطيني المقاوم إرهابيا شريرا، وأبرز ما يعكس هذه النظرة هو فيلم «الخروج» الذي يبين بجلاء صورة الفلسطيني الشرير الذي يطبق مبادئ النازية ويشيع الكراهية ضد اليهود الذين يظهرون في الفيلم بمظهر «الضحية» الكاذب. لهذا يعد فيلم «العرب الأشرار»- الذي يضرب أمثلة حية عن الصور غير المنصفة ضد العرب- وثيقة تدون بجلاء الصور المقززة والأشكال النمطية التي صورتها الآلة الدعائية الهوليودية على شاشاتها ولعبت دورا كبيرا في تأليب الرأي العام ضد العرب والمسلمين وحملت صورا تحمل عواقب وخيمة في ذاكرة الشعوب؛ لأنها تؤسس لمبادئ الكراهية بين بني الإنسان