لم يدر في خلد لاعب المنتخب السعودي وفريق نادي الساحل لسلاح الشيش والمبارزة الدولي يحيى هزازي أن تكون نهايته في ناديه كما تخيلها منذ نعومة أظفاره. فعلى الرغم من الأعوام ال13 التي قضاها بين أركان النادي وحقق من خلالها الكثير من الإنجازات، بل إنه بات مطلبا ومطمعا للعديد من الأندية والمنتخبات داخليا وخليجيا، إلا أنه لم يحقق ولم يتذوق حلاوة ما كان يسعى إليه في حياته الشخصية. هزازي الذي خرج من عباءة صمته.. وكان يمني النفس بأن تنقلب أفراحه بالحصول على المركز الثالث في البطولة العربية الأخيرة التي اختتمت منافساتها في محافظة الإسكندرية في مصر عاد إلى أرض الوطن يحمل بين طياته همومه وهموم أسرته عله يجد مخرجا ومتنفسا «آمنا» يرضي به ضميره. لقد استضافنا في منزل والده الشعبي في محافظة عنك «شرق السعودية» ويجلس إلى جواره أخوه محمد أو كما يسميه «توأم روحه» البطل الآخر في نفس اللعبة، ليفتح قلبه ويبوح بكامل أسرار حياته في حوار مليء بالصراحة ومثقل بالمواجع والتي بدت تتناثر هنا وهناك في ثنايا الحوار التالي.. إنجاز بلا مقومات أولا نبارك لكم حصولكم على المركز الثالث في البطولة العربية.. فكيف كانت استعداداتكم لها؟ لم نقم بأي إعداد أو معسكر خارجي رغم وعود رئيس النادي حمد سعد الشمري لنا بذلك. لقد اعتمدنا على أنفسنا وشاركنا بأربعة لاعبين «أنا وشقيقي محمد الذي أعتبره توأمي، ولاعب احتياطي، ولاعب معار من نادي النور لم يحصل على فلوس إعارته» وتوجهنا إلى الكويت لإقامة معسكر خاص في نادي العربي على حساب ونفقة المدرب الدولي باللعبة خالد عبدرب النبي الذي تبنى فريقنا واستضافنا لمدة سبعة أيام وهو السبب الرئيس بعد الله في حصولنا على هذا الإنجاز. لقد تعهد رئيس نادينا بتوفير معدات للفريق ولم نر شيئا بل قام اتحاد اللعبة مشكورا بتوفيرها لنا من باب الإعارة ثم أعدناها لهم مرة أخرى. كانت منافسات البطولة صعبة جدا نظرا إلى مشاركة أفضل تسعة فرق عربية، ستة منها جهزت بمعسكر خارجي ولم نكن نحن مهيئين لنيل إحدى الميداليات في ظل قوة المنافسين، ولكن بإصرار وعزيمة استطعنا أن ننال المركز الثالث حتى أن رئيس الاتحاد المصري للعبة شكرنا على مجهوداتنا وما قدمناه من مستويات. هل صحيح أنكم تشاركون في البطولات منذ ستة عوام دون مدرب رسمي؟ نعم.. لقد فسخ النادي عقد المدرب المصري خالد إبراهيم وهو معروف على مستوى الوطن العربي وله أكثر من 14 شهادة تدريب وخبرة، وتدربت على يده أنا وأخي مع النادي والمنتخب السعودي، وحاليا يدرب في الكويت، وقد ألغي عقده دون ذكر أسباب، ويعتبر رحيله خسارة، وهو الأمر الذي دعا رئيس النادي لإغلاق صالة التدريب بالنادي ليحولها بعد ذلك إلى مكتبة عامة ثم إلى معهد صيفي لتعليم الحاسب الآلي. من المؤسف جدا عدم تقدير مسؤولي النادي للعبة رغم كوننا نحصل على المركزين الأول والثاني على مستوى المملكة، فلا الرئيس يحضر للنادي بصفة مستمرة ولا السكرتير يخلص أوراقنا وخطاباتنا من حجوزات واستئذانات للاعبين من أعمالهم الشخصية لدرجة أنهم فوتوا علينا المشاركة في أكثر من بطولة بسبب تلك المعاملة والرئيس يعرفها جيدا، فأنا أعمل عسكريا ولا أستطيع إنجاز مهام السكرتير، وكان أحيانا يكلفني أنا وأخي وابن خالتي للقيام بهذه المهمة. تخيل أنني صرفت على اللعبة من جيبي الخاص لمدة موسم كامل ولدي فواتير تثبت صدق كلامي، والأدهى من ذلك كنا نذهب بسيارتي الخاصة إلى الرياض للمشاركة في بطولات دون أن يعلم النادي، ومع ذلك نحصل على المركزين الأول أو الثاني ثم نعود حتى عندما نواجه مسؤولي النادي ونقول لهم أحضرنا البطولة لا يكلفوا أنفسهم بكلمة «مبروك أو شكرا». ولماذا يعاملونكم بهذه الطريقة؟ لي بالنادي 13 عاما لم يتغير الوضع بل ربما زاد سوءا منذ تولي الرئيس حمد سعد دفة الرئاسة في المرة الأولى، وتلاه رئيس آخر قبل أن يعود من جديد للرئاسة، فحينما نسأله عن وصول موارد مالية للنادي يدعم بها اللعبة يرد علينا بأن الرئاسة لم تمنحهم شيئا ونفاجأ بعد ذلك عندما نقرأ في الصحف أن الرئاسة وزعت على الأندية مواردها المالية، ولا نعلم حقيقة الأمر؟!.. إنني أوجه مناشدة إلى الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير سلطان بن فهد للنظر في وضع نادينا بالاعتبار كحال بقية أندية أخرى صغيرة، فالحمد لله أن هناك مدربين كبارا شهدوا لنا وأكدوا مقدرتنا على مقارعة أبطال العالم، والدليل عندما شاركت في بطولة التضامن الإسلامي، وأنا غير مصنف إلى جانب أكثر من 193 لاعبا، وفي ظل وجود 11 لاعبا آسيويا مصنفا حصلت على المركز الخامس، وهذا إنجاز غير مسبوق. إنني أشارك مع أخي في 21 بطولة كل موسم ونحقق فيها إنجازات وكشوف الرئاسة تثبت ذلك، بينما رئيس النادي لا يهتم بنا ولا يقدر تضحياتنا. شكوى بكل اللغات ألم تشك الوضع إلى اتحاد اللعبة؟ لقد شكوت الوضع لرئيس الاتحاد السعودي لسلاح الشيش والمبارزة بندر الصالح وبصوت مسموع عبر وسائل الإعلام وتحديدا في برنامج «ألعاب مختلفة» الذي يبث عن طريق القناة الرياضية السعودية، وذكرت فيه أن النادي لا يملك صالة مخصصة للعبة، وبأني أرغب في الانتقال إلى ناد آخر كي أطور نفسي بوجود مدرب وتخصيص مكافآت تشجيعية وصالة تدريب مجهزة، فوجدت تبريرا منه بأنه لا يمكن أن يفتح نادينا صالة ضخمة للعبة، فأنا لا أعيب أو أنقص من كلامه، وبودي أن أسأله وأتمنى أن أسمع منه إجابة، وهي على أي أساس يتواجد رئيس نادينا في منصبه وهو لا يهتم بوضع ألعاب النادي؟!.. لا نطلب من رئيس النادي أن يعطينا مالا بل نريده أن يهتم باللعبة من خلال شراء معدات وأجهزة، وتأمين إعاشة، وإقامة معسكرات، وصرف مكافآت حتى يقدم اللاعب كل ما لديه في البطولة. لقد صرفوا علينا في البطولة العربية فقط مبلغ 2000 ريال أنا وأخي بحكم أننا مصنفان، بينما لم ينل اللاعب الاحتياطي ولا اللاعب المعار من النور ريالا واحدا، حتى أن رئيس النادي منحني قسيمة شراء من إحدى الشركات الرياضية من أجل تأمين طقم موحد للنادي، وبحكم مشاركتنا في بطولة خارجية معتمدة قبل أن يفاجئني الموظف بأن الكوبون منتهي الصلاحية منذ سنتين وأخذه مني. صدمت من هذا الموقف وسألت نفسي إلى متى سنعيش في هذه الدوامة ونحن في غنى عنها؟!.. من الأجدى أن نجلس في بيوتنا ونترك اللعبة بالنادي، وندع الرئيس يدير النادي على كيفه. عرض إماراتي وقطري وماذا عن عرض انتقالك إلى نادي الجزيرة؟ تحدث رئيس نادي الجزيرة مع رئيس نادينا وقال إنه مستعد لدفع مبلغ انتقالي مع أخي كاملا، وأن يصرف علينا ويجهز كل شيء ويضعه تحت تصرفنا، إلا أن الرئيس رفض، لدرجة أن مسؤولا في فريق نادي بني ياس الإماراتي أحد المشاركين في البطولة العربية أثنى علينا وقال لي بالحرف الواحد «لو أنكم عندي بالإمارات مستعد أصرف عليكم وأوفر لكم كل ما تحتاجون إليه ومستعدون نوفر لكم الجنسية لتشاركوا معنا» قالها لي لأن لاعبي فريقه لم يحققوا شيئا في البطولة، وأعتقد أن قلة خبرتهم وراء ذلك. وكذلك قدم لنا الكويتي خالد عبدرب النبي عرضا خاصا عندما طلب منا المجيء للكويت واستضافتنا في فندق خمس نجوم مع تأمين صالة ضخمة للتدريب تحت قيادة مدرب معروف ومتخصص، وكل ذلك ليس له مصلحة فيه إنما بدافع حبه الكبير للعبة، وأنه كان يرانا أبطالا، والحال ينطبق على مسؤول قطري كان يلمح ولم يتحدث بصفة رسمية أنه يرغب في وجودنا في المنتخب القطري خاصة أن الأخير يضم لاعبين مجنسين من اليمن وإيران، ولكن في النهاية نحن مؤمنون بخدمة الوطن وتحقيق إنجازات لصالح منتخباتنا.. حكاية الوالد والنادي وماذا عن أهلك؟ هل كانوا معارضين لوضعكم؟ عندما حققت بطولات في صغري كان والدي يسألني لماذا لا يمنحونك مكافآت؟ كان يتضايق ويتألم من هذا الوضع، وذات مرة منعني من الذهاب إلى النادي، وأذكر أن المنتخب كان يستعد لبطولة خارجية في روسيا وفنزويلا وطلبني حينها، لكن والدي رفض مشاركتي ولم يكن يفرق بين النادي والمنتخب لما عانيته وسببته لأهلي من متاعب. كانت فرصة جميلة بالنسبة إلي ومع إصرار والدي على الرفض تدخل رئيس النادي وحاول إقناعه واحتدم النقاش بينهما ليغضب رئيس النادي من والدي وبدأ يتمتم بكلمات لا تمت للرياضة بصلة، ليمنعني والدي من النادي نهائيا بسبب هذا الموقف. هل سيلقي هذا الوضع بظلاله على مشاركاتكم المقبلة؟ كل الظروف مرت علينا ولم نتأثر، فباستطاعتنا أن نلعب أي بطولة أيا كانت الظروف ونحقق فيها نتائج إيجابية. مثلما قلت سابقا إننا نلعب منذ ستة أعوام دون مدرب ومع ذلك تشفع لنا خبرتنا ولله الحمد ولقينا إشادة من المدرب المجري مارتون. صحيح أن الموسم الحالي سيبدأ قريبا، ولكن في ظل الوضع القاسي بالنادي أعتقد أن مشاركتنا ستكون صعبة، ومن الممكن أن تقتصر مشاركاتي على المنتخب السعودي فقط. هل نقول إن نهايتكم اقتربت مع النادي؟ من ناحيتي أنا وأخي اكتفينا خلاص. يكفي تلاعبا. لقد تقدمنا بشكوى رسميا مع لاعبي الملاكمة لمكتب رعاية الشباب واستقبلنا موظف اسمه «أحمد الغراب» الذي رفض إرسالها إلى مكتب رعاية الشباب بالرياض، وقال إنهم سيتفاهمون مع رئيس النادي، وأنه لا علاقة لنا بهذا الموضوع.. فقلت له هذا تعبي وجهدي وأنكم منحتم النادي 40 ألف ريال فأين ذهبت؟ فقال لي: «أنت ما لك شغل» ثم تركناه وتوجهت مع زميلي اللاعب عبدالرحمن المعيوف لمكتب التسجيل لنطالب بتنسيقنا من الكشوف إلا أن موظفا رد علينا بأنه لا يمكن ما لم نوقع على استمارة تحديث بيانات عن طريق إدارة النادي. فالوضع بالنادي مزر وصعب للغاية ولا ندري ما هو مصيرنا؟ هل أنت نادم على كل ما قدمته لناديك؟ نعم.. يكفي أنهم وعدوا والدي وأخلفوا في النهاية، فهل تريدني أن ألبي مطالبهم وأعاند والدي من جديد بعد أن كذبت عليه في المرة الأولى وشاركت مع النادي من أجلهم؟!.. تكفيني مهانة وذل الناس حينما نذكر لهم أننا أبطال في اللعبة ويستغربون حالتنا وأوضاعنا المادية الصعبة. أريد أنا وأخي تأمين حياة أفضل لأسرتي. إن عمري الآن 27 عاما ولم أتزوج كحال بقية الشباب وأريد إكمال نصف ديني فراتبي الشهري بالكاد يغطي حاجاتنا، فالنادي أخذ مني 13 عاما وأخذت وعودا منهم ذهبت سدى .