اشتكت بعض كبيرات السن من التجاهل الذي يجدنه من أقاربهن في رمضان رغم أنه شهر يتوادد الناس فيه ويتراحمون أكثر من غيره من بقية الأشهر، فموائد الإفطار الجماعية التي تقيمها الأسر والعائلات تجمع الأهل والأقارب، وهناك متسع من الوقت لتبادل الزيارات والسؤال عن أحوال بعضهم ومساعدة فقيرهم وعيادة مريضهم. وذكر عدد من المسنات ل«شمس» أن الواقع الذي عشنه خلال هذا الشهر كان قاسيا عليهن وأكثر من قدرتهن على الاحتمال خاصة أن أقرب الناس إليهن لم يسألوا عنهن رغم حاجتهن إليهم حتى يشعرن بأن هناك ولو خيطا رقيقا لا يزال يربطهم. الأهل عزوة وقالت فوزية محمد «في أواخر الستينيات» إن لها أخوين وحالتهما المادية أكثر من جيدة جدا لكنهما لم يزوراها يوما في هذا الشهر أو يقدما لها أي مساعدة: «أشعر بأنني سقطت من ذاكرتهما.. أنا فعلا بحاجة ماسة لزياراتهما لي، فأبنائي وأهل زوجي دائما ما يشيرون إلى مقاطعة أهلي لي.. نعم لي أبناء وأسرة لكني لن أستغني عن أهلي فهم عزوتي». وأضافت «أم طارق» أن لديها شقيقا واحدا حالته المادية متواضعة ولديه التزامات أسرية كبيرة ولكنها لا تريد منه أن يأتيها بهدية أو يمنحها نقودا بل تريد فقط أن يزورها ويسأل عنها لتعزز موقفها أمام زوجها وأسرته الذين يسمعونها عبارات من شاكلة أن أهلها لا يسألون عنها لا في رمضان ولا في الأعياد: «عندما أسمع هذه العبارات أشعر وكأن منشارا يقطع جسدي.. أسأل الله أن يهدي أخي ليزورني خاصة أن رمضان أوشك على الانتهاء». حجج واهية وذكرت أم ياسر «أرملة» أن لديها ثلاثة أشقاء لكنهم لا يسألون عنها رغم أنهم كانوا في وقت من الأوقات لا يفارقون بيتها: «كان زوجي قبل وفاته يساعدهم كثيرا وكانوا لا يفارقون منزلي لكن بعد أن رحل قبل عامين لم أعد أرى واحدا منهم.. حتى عندما هل شهر رمضان لم يكلف أحد منهم نفسه ويتصل هاتفيا وعندما أتصل بهم وأسألهم عن السبب يتحججون بضغوط العمل وعدم وجود وقت ويعدونني بزيارة». وقالت إنها لا ترجو منهم صدقة أو هدية. بل تريد منهم فقط أن يصلوا ما أمر به الله وليكبروا في أعين أبنائي. صلة الرحم صدقة من جانب آخر أوضحت الأستاذ في جامعة تبوك قسم الدراسات الإسلامية الدكتورة مريم العيسى ل«شمس» أن الصدقات ليست فقط بالمال بل بصلة الأرحام أيضا، فمن حق الأقارب أن نسأل عنهم ونزورهم خاصة المسنين. وأضافت أن الكلمة الطيبة التي تقال للمسنين وصدقة، والسؤال عنهم وزيارتهم حتى دون هدايا صدقة، والتبسم في وجوههم والاستماع لهم صدقة، وضمهم وتقبيل رؤوسهم صدقة، هذه كلها صدقات لها مردودها النفسي الإيجابي وتعزز مكانتهم عند من يعشون معهم، وهذه الصدقات المعنوية والصدقات المادية تعزز صلة الأرحام: «فأنت يا إنسان.. اليوم شاب وغدا مسن وستدرك معنى أن يصلك أشقاؤك وأهلك».