رحلة شاقة يقطعها المخالفون لنظام الإقامة أو المجهولون كما درج الناس على تسميتهم، للتسلل إلى أراضي المملكة عبر الحدود الجنوبية، حيث يتعرضون للكثير من المتاعب والأمراض والموت عطشا خصوصا خلال فصل الصيف، حيث تستغرق رحلاتهم أحيانا أكثر من أسبوعين يتنقلون خلالها بين قرى بلادهم حتى يصلوا إلى الحدود، حيث تبدأ بعد ذلك المرحلة الثانية للرحلة وهي التسلل عبر الحدود في شكل جماعات، حيث تختلف خطة السير التي تعتمد هذه المرة على الجري تارة والمشي تارة أخرى والزحف أحيانا حسب المقتضيات والظروف التي تقابلهم. أحد المجهولين المختبئين بأحد الأودية التابعة لمحافظة القنفذة ويدعى أحمد حسين «35 عاما» قال ل«شمس» إن المتسللين يبدؤون رحلتهم عادة في الليل عبر مسالك غير مطروقة وبعيدة عن الحدود: «نتحرك في شكل جماعات سيرا على الأقدام وما إن نتجاوز الحدود حتى نستريح قليلا قبل أن نبحث عن سيارة تنقلنا إلى أقرب قرية أو مدينة». الكلاب والذئاب.. والدفن أما زميله حسن راجي فوصف رحلتهم بالشاقة جدا والمليئة بالمخاطر، حيث تعترضهم أحيانا الكلاب الضالة والذئاب لذلك فهم يتسلحون بالعصي لحمايتهم منها: « تبدأ رحلتنا بواقع 15 شخصا لكنهم ما يلبث أن يتناقص العدد إلى النصف تقريبا في كثير من الأحيان بسبب الموت عطشا أو بسبب الأمراض ومن يموت منا نقوم بدفنه ومواصلة الرحلة». وأضاف راجي أنهم قدموا من أجل توفير بعض النقود لأسرهم على الرغم من علمهم أن تصرفهم مخالف للقوانين ويعرضهم لكثير من المتاعب في الوصول: «نتخذ الأودية والبيوت المهجورة بيوتا لنا في القرى والمدن الصغيرة التي نصل إليها ونعمل في الإشراف على المزارع وأعمال البناء وبأجر يومي لا يتجاوز 30 ريالا، لكن مع ذلك ففرص العمل أمامنا قليلة نظرا إلى عدم رغبة الكثير من المواطنين في الاعتماد علينا، فنحن بلا أوراق ثبوتية ومخالفون للنظام وهو ما يجبر بعضهم على الاتفاق مع المهربين لتوصيلهم إلى مدينة جدة مقابل 1000 ريال للشخص الواحد، بعضهم ينجح في الوصول وبعضهم تقبض عليه الجهات الأمنية». حملات أمنية منتظمة وأوضح أنهم يختبئون نهارا وسط الأودية والشعب أو في بيوت مهجورة ويحاولون أن يتدبروا أمر إفطار رمضان مبكرا حتى يتجنبوا الحركة الكثيرة خوفا من الوقوع في أيدي رجال الجوازات الذين يشنون حملات منتظمة خاصة في الفترات المسائية. من جهة أخرى ذكر مدير قسم الوافدين بجوازات محافظة القنفذة الرائد منصور العساف ل«شمس» أن الحملات الأمنية تجوب المحافظة بشكل دائم وتشمل الهجر والقرى والمزارع والبيوت المهجورة والأودية. ودعا المواطنين إلى عدم التعاون مع المجهولين والمخالفين لنظام الإقامة والعمل، مثمنا في الوقت نفسه دور المبلغين عنهم .