امتلأت هذه الأيام الأسواق بكميات كبيرة من العطور المقلدة رخيصة الثمن حيث تزدحم الأسواق استعدادا لعيد الفطر حيث يشتري الناس حاجاتهم المختلفة منها للاستخدام الشخصي أو إهدائها للأهل والأصدقاء، في موسم هو الأكثر ربحية للعاملين في هذه التجارة. وفي العادة تلقى تلك العطور رواجا كبيرا من بعض الفئات التي قد لا تستطيع شراء الماركات العالمية المشهورة غالية الثمن، لكن في المقابل فإن لها تأثيراتها الصحية السالبة ما يؤدي بالضرورة إلى التهابات جلدية وأمراض، كما أشارت دراسات متخصصة إلى أن هناك بعض العطور المقلدة والمغشوشة تهدد مستخدميها بمرض السرطان بسبب تسرب المواد الكيميائية السيئة الداخلة في تكوينها إلى الدم عبر الجلد أو الاستنشاق. ولاحظت «شمس» خلال جولتها في أسواق جدة انتشار بسطات العطور المقلدة لهم حيث ذكر طلال صلاح «صاحب بسطة» أنهم يشترون عطورهم بالجملة من باب مكة بسعر يتراوح ما بين 3060 ريالا للدرزن على حسب جودة العطر ثم يبيعون العطر في حدود 5 20 ريالا. وأضاف أن لديهم زبائن لهذه العطور خاصة في شهر رمضان: «نتعامل مع باعة جائلين يأخذون منا كميات محددة ثم ينطلقون بها باحثين عن زبائنهم في جنبات السوق وأمام المساجد». الموسم الذهبي أما محمود سيد «صاحب بسطة» فأشار إلى أن رمضان هو الموسم الذهبي لباعة العطور بشكل عام: «لكنا نحن أصحاب بسطات نعاني من مشكلة طفح المجاري التي تغرق وسط البلد ما يؤدي إلى تسرب كثير من الزبائن، إضافة إلى موجتي الحر والرطوبة الخانقتين هذا العام فنحن كما ترى نبسط في العراء». مشيرا إلى أنهم يعتمدون أكثر في تصريف بضاعتهم على الباعة الجائلين. لكنه نفى معرفته بأي تأثيرات صحية سالبة لعطورهم فلم يحدث أن اشتكى زبائنه من هذه الناحية: «تركيبة العطور معروفة وليس بها ضرر لكن قد تختلف قوة التركيز من عطر لآخر». من جهة أخرى زكريا محمد «بائع عطور متجول» أشار إلى أن أصدقاءه دلوه بمجرد وصوله إلى المملكة إلى سوق العطور حيث أخذت أتعامل مع أصحاب البسطات الذين آخذ منهم كمية من العطور لأدور بها في مخارج السوق ومداخله وأحيانا عند المساجد وكلما نفدت البضاعة أعود إلى التزود بغيرها: « لا نمل من العمل في شهر رمضان لأن سوق العطور ناشطة جدا فيه ودخلنا فيه يتضاعف». تلاعب أسعار لكن خالد إبراهيم «مسؤول بمحل عطور أصلية» كان له رأي آخر: « المتسوق يضر نفسه عندما يشتري عطورا مقلدة رغم أنه يعلم ذلك والدليل على ذلك تلاعب باعة تلك العطور بالأسعار في المواسم فلو كانت البضاعة أصلية لوجدت أن سعرها ثابت لا يتغير سواء كان في المواسم أو غير ذلك». مضيفا أنهم قدموا عدة شكاوى في هؤلاء الباعة المجهولين إلى المسؤولين ولكن لم يتغير الأمر. وأوضح أن هناك فرقا واضحا بين العطور الأصلية وتلك المقلدة ومن ذلك أن الأصلية عند رشها تكون رائحتها قوية، وتستمر لفترات طويلة، بينما المقلدة تكون رائحتها قوية لحظة رشها فقط ثم ما تلبث أن تختفي نظرا إلى أن نسبة المذيب أكبر. كما أن لون العبوة في العطر الأصلي يكون غامقا، بينما في المقلدة يكون فاتحا. ولفت إلى أن بعض العطور المقلدة تصيب الجلد بالحساسية بسبب التركيبات السيئة. تركيب وليس تصنيعا أما خليل محمد «صاحب محل تركيب عطور» فذكر أن تصنيع العطور أمر سهل وليس بالمعقد فكل أنواع العطور المقلدة في السوق يتم تصنيعها هنا في المملكة أو تأتي من دبي« ما نصنعه هنا يعتمد على مستحضرات دهنية تأتي من الهند يضاف إليها بعض أنواع العود والمسك والعنبر والفواكه وتخلط مع بعضها البعض وبعد ذلك نحضر علبا أو تولات جميلة الشكل ونعبئ فيها العطر». مشيرا إلى أنهم يقومون بعمل ملصقات لتلك العطور في إحدى المطابع. لكن أحمد أحمد «تاجر عطور» أشار إلى أن تصنيع العطور في المحال ليس أمرا سهلا بل يمكن أن نطلق على ما تقوم به تلك المحال هو «تركيب العطور» وعمل مخلطات خاصة من مكونات عطرية دهنية أغلبها يستحلب بطريقة التقطير أو العصر وهي طريقة معروفة من قديم الزمان حيث تنتج دهن العود والصندل والمسك المتسلق والفل والورد والكادي والريحان، وقد تطورت صناعة العطور بفضل دخول الآلات والتقنية وأصبحت هناك أصناف أخرى عطرية مثل عطور الفاكهة مثل الفراولة والخوخ والتفاح والشمام وغيرها. مخاطر صحية من جهة أخرى أكد الدكتور حاتم المنغاسي «طبيب بمستشفى خاص» أن العطورات رخيصة الثمن قد تسبب الصداع وحساسية الجلد في حالة المبالغة في استخدامها مشيرا إلى أنه لا تتوفر دراسات وأبحاث طبية حول ضرر هذه العطورات بشكل أكثر تحديدا ولكن بحجم تجربته الطبية يرى أن المبالغة في استخدام المواد الكيماوية يؤثر سلبا على الإنسان وصحته. وأشار إلى أن الرائحة الزكية علاج فعال لحالات الأمراض النفسية والعصبية وهذا ما أكدته الدراسات التي أجريت في عدد من دول العالم، لكن ما يجب التنويه إليه هو أن العطور المقلدة تأثيرها السلبي يفوق فائدتها إن وجدت .