لا أعرف ما علاقة الإعلام بتسلق الجبال، لكني متأكد أن ما يفعله خالد الرفاعي في رمضان هذا العام على القناة الأولى هو شيء على درجة «عالية» من الخواء، ومتأكد أكثر أن برنامجه «أوف سايد» لا يمثل أي نقطة تحول ولكنه عمل أكثر «وعورة» حتى من أسئلة سعود الدوسري! وما لم تتأكد من شارة البرنامج وتاريخ الإنتاج فستعتقد أنها حلقة أرشيفية من العهد الغابر لبرامج الكاميرا الخفية التي كان يعرضها التلفزيون السعودي فترة التسعينيات، والتي كان أغلبها ينتهي بعلقة ساخنة للرفاعي أو لماهر الطويل، فضلا عن أن المقلب كان يبدأ بقدر لا بأس به من الصراخ والتهديد مرورا بعدد من النغمات التشويشية التي تستخدم لإخفاء العبارات البذيئة، ويختتم دون أن يمر خلال كل مراحله بأي احتمال حقيقي لدعابة ولو وهمية!هذا العام يقرر خالد الرفاعي أن يستعيد تاريخا كاملا من الفشل عبر برنامج أفضل ما يوصف به هو أنه «عديم في المعنى» من خلال مشاهد ارتجالية تفتقر إلى الحد الأدنى من الصنعة الفكاهية وتقوم في معظمها على حيل مستهلكة تم استساخ بعضها «كربونيا» من برامج أخرى، والطريف الوحيد في الأمر أن طاقم «أوف سايد» لم ينجح حتى في التقليد بصورة صحيحة، بدليل أن المذيع صاحب المقلب «أو هكذا يفترض» نسي نفسه مع أحد الفنانين «الضحايا المفترضين» فاسترسل في إجراء حوار تلفزيوني عادي معه قبل أن يتذكر فجأة أن البرنامج يجب ألا يستمر هكذا، وحينها بدأ يتصنع «كحة» غريبة ختمها بالسقوط أرضا وتمثيل دور المصاب بالصرع «نعم»، بالضبط كما كان يفعل مشعل صديق الصيرفي في برنامج «صادوه»! الاقتصار على شخصية عامل آسيوي ليس مشكلة في ظل محدودية الموهبة ضمن هذا الإطار فقط، لكن التخصص في برامج المقالب التليفزيونية والإذاعية لن يكون حلا طالما أنه بهذه الدرجة من الإسفاف، فحتى في حالة كوميديان معقول يحتاج إتقان دور كهذا لقدرات إضافية فما بالك في حالة كوميديان ثقيل الدم مازال يعتقد أن ملء فترة البث بدقائق من الضوضاء والشجارات غير المفهومة يمكنه أن يفهم باعتباره برنامجا رمضانيا مسليا، ونتيجة الفشل هنا لا يمكن التحايل عليها إخراجيا بإقحام صوت «ضحك الجمهور» ولا يمكن استغفالها بطريقة «الإضحاك القسري» للضيف والمشاهدين، حتى المتعة لا يمكنها أن تحدث فهم ما يحدث على أقل تقدير، بل إن الأمر قد يندرج ضمن بند الضحك «بلا سبب» طالما أن الطرفة في هذا البرنامج ستظل هدفا مستحيلا لن يحتسبه الجمهور ليس فقط بداعي التسلل بل لفرط الغرابة؛ إذ لم يحدث يوما أن نصب فريق في العالم مصيدة «سايد» ووقع فيها إلا في عهد هذا الفريق، هل كان هناك أحد يتخيل من الذين يؤمنون أن استعادة عمل فقير إبداعيا هي بالضرورة عملية لا تقل فقرا وأن حظه السيئ سيقوده بعد سنوات طويلة لمكابدة المقدمة العتيدة ذاتها مجددا: «اليوم أوف راح نسوي مقلب في.. تدرون، ما عليكم أحرقه ابي، وش رايكم نشوف الفقرة مع «بعض»؟.