قدمت السيدة «فوزية» من إحدى البلاد العربية بتأشيرة عمرة، لكنها لم تؤدها قط، حيث بقيت في تبوك بحجة مرافقة زوجها الذي تعرض لحادث مروري ما أفقده الوعي والقدرة على الحركة كما فقد فيه محفظته وما بها من نقود. هكذا انطلقت فوزية تستعطف الناس وهي تطلب منهم أن يساعدوها على جمع ألف ريال فقط لشراء تذكرتي سفر لها ولزوجها للعودة إلى بلدهما. ولكن هذه الرحلة أصبحت تجارة رابحة للسيدة فوزية وهي تجوب شوارع المدينة وتطرق أبواب بيوتها وتدلف إلى المحال التجارية والمساجد منتهزة حلول شهر رمضان، حيث تكثر الصدقات وترق القلوب، تحكي قصتها وتضيف أحيانا فصولا لها وأحيانا أخرى تحذفها حسب الموقف لكنها لا تتوانى في منح قصتها الكثير من المصداقية بدموعها وسردها المتقن لتعود في نهاية النهار بحصيلة وافرة من أصحاب القلوب الرحيمة. السيدة أم عبدالرحمن قالت إن فوزية طرقت بابها مرتين من قبل، ربما مصادفة فقد تختلط عليها المساكن لكثرة ترددها عليها: « في المرة الثانية تجاذبت معها أطراف الحديث وسألتها عن السبب الذي يدفعها إلى إراقة ماء وجهها بالتسول فذكرت لي القصة السابقة نفسها، وأضافت أنها حصلت على تقرير طبي مزيف عن حالة زوجها وطفقت تتجول به بين الناس». وأضافت فوزية وهي تروي قصتها لأم عبدالرحمن أن حصيلتها اليومية تختلف من يوم إلى آخر بحسب الأجواء العامة ودرجة تأثر الناس بقصتها، لكنها لا تقل بشكل عام عن 500 ريال بل تصل في أيام إلى ألف ريال، مشيرة إلى أن مظهرها وحسن هندامها ولباقتها في الحديث يبعدها عن عيون أفراد مكافحة التسول الذين ينشطون خصوصا هذه الأيام التي يكثر فيها المتسولون. فوزية لم تكن الوحيدة من المتسولات من جنسيات عربية أو حتى مواطنات وجدن في هذا الشهر الكريم فرصة لجمع المال الوفير بطرق أقل ما يقال عنها إنها احتيالية. وذكرت السيدة أم محمد ان بعضهن يلجأن لأساليب حديثة في التسول بعضها عن طريق رسائل الجوال أو عبر البريد الإلكتروني أو حتى البريد العادي: « وما يؤلم حقا أن تطرق الباب مواطنة وهي تعلم أن جمعيات خيرية كثيرة تفتح أبوابها للمحتاجين والمحتاجات». استشاري علم الاجتماع الدكتور محمد نبيه حذر من مخاطر التسول على المجتمع، مشيرا إلى أن ازدياد حالات التسول تعود إلى ازدياد أعداد المتخلفين عن العمرة وكذلك وجود بعض المقيمين من ليس لديهم عمل خصوصا النساء وكبار السن منهم. وذكر أن تساهل الناس مع المتسولين يشجع على استمرار وجود المتسولين الذين يجدون كسبا كبيرا دون عناء. وطالب نبيه من المواطنات المحتاجات باللجوء إلى الجمعيات الخيرية أو مكاتب الشؤون الاجتماعية أو الحصول على أعمال حتى لو كانت بسيطة بدلا من التسول. مصدر بمكافحة التسول أكد أنه تجرى دراسة اجتماعية للمتسولين بعد القبض عليهم بواسطة الشرطة ليتم تحويل الحالات المحتاجة إلى الجمعيات الخيرية أو إلى الضمان الاجتماعي. أما المتسولون من الجنسيات الأخرى فيتم ترحيلهم فور القبض عليهم لبلادهم، وأضاف أن بعض المتسولات دفعن إلى هذا العمل بواسطة أزواجهن الذين فضلوا البقاء في بيوتهم