هناك استياء من ظهور شيخ البالتوك لورانس في برنامجه الجديد «شوربة وخل» خلال شهر رمضان، هؤلاء المعترضون يجدون أن بذاءة لورانس يجب ألا تدخل البيوت من خلال التليفزيون، لكنّ المؤيدين يجدون أنها طريقة ممتازة للتوبة عن ماض غير مشرف لهذه الشخصية. لم أزل أتذكر تداول الشريط الشهير «هذه قصتي» للتائب يوسف الصالح خلال المرحلة الثانوية، مسلسل طويل من الرعب والمخدرات والضياع استمر عشرين عاما في حياة الصالح، وهو عمل كان يشعل حماسا بين الأساتذة والطلاب على حد سواء، بعد ذلك أصبح الصالح يطل في كل مركز دعوي أو نشاط توعوي وحتى في لقاءات تليفزيونية وإذاعية. نجد في السياق ذاته الشيخ سلطان الدغيلبي الشهير ب «أبو زقم» يتوب عن التفحيط ويتصدر قائمة الدعاة الأكثر طلبا في المخيمات والمهرجانات. انطلقت محاضراته من زاوية صغيرة وهي حكاية توبته من التفحيط إلى الحديث عن التربية ومصير الأمة والعلاقة مع الآخر. وأيضا وخلال الشهر الماضي وفي خضم الصراع حول فتوى الكلباني بإباحة الأغاني، تم نشر مقطع فيديو للشيخ عصام عارف «المغني سابقا» ضد الفتوى، في بداية المقطع يقول عصام إنه قضى الأعوام الثمانية الماضية وهو يدعو الناس لترك سماع الأغاني وبظهور الفتوى فإنه يجد أن عمله طوال هذه الأعوام لا فائدة منه. هناك الكثير من الشخصيات في المجتمع يتصدرون المشهد بهذه الطريقة، ولا أجد نفسي في خلاف مع هؤلاء، بل أتفهم حياتهم قبل وبعد التوبة، ولكن الإشكال هو إصرارهم على تغيير المجتمع من خلال ثقب تجربتهم السابقة في الحياة، مع أن حياة أغلب الناس تتسم بالوسطية والإنسانية والعقلانية، ولدى الناس العاديين أحلام وطموحات وهم ملتزمون دينيا واجتماعيا بالفطرة، كما ان الاحتياج المبالغ فيه لنماذج العظة والعبرة السوداوية تكرسها ثقافة خوف غير سوية.