بدأ مشوار محمد شليه مع الأهلي من درجة البراعم حتى وصل إلى الفريق الأول، واستمر معه حتى اعتزاله، حقق معه العديد من البطولات، منها منجزه التاريخي بتحقيق أربع بطولات في عام 2002.. كان قائدا للأهلي في البطولة العربية التي استضافها الاتحاد وخطف كأسها فريقه.. تشرّف بتمثيل المنتخب في عدة مناسبات ومنها كأسا العالم 1998 و2002، وتم اختياره من أفضل عشرة أظهرة مميزين في العالم في وقت من الأوقات.. ورغم أن الأهلي صاحب فكرة مهرجانات التكريم من خلال تكريمه عددا من نجومه وإحضاره عددا من الفرق العالمية في فترة «السبعينيات والثمانينيات»، حيث كرم أمين دابو، وأحمد صغير، ومعتمد الخوجلي، ويحيى عامر، ومحمد عبدالجواد، وغيرهم، إلا أن الشليه ظل «خارج التغطية» واصطدم اعتزاله بمعوقات لا إرادية على حد تعبيره.. «شمس» كسرت صمته الطويل والتقته في هذا الحوار: محمد شليه اسم غاب كثيرا في الأعوام الأربعة الماضية، هل تتفق معنا على هذا الغياب أم ترى أنك غيبت؟ بصراحة أنا موجود وحي أرزق، ومسألة تواجدي في الوسط الرياضي أعتبرها وضعا طبيعيا مامت لاعبا تركت الوسط واعتزلت الملاعب رسميا. مقدر ومكتوب ولكنك تكاد تكون أصغر اللاعبين الذين اعتزلوا استنادا إلى سنك الذي لم يتجاوز ال31 عاما؟ هذا صحيح، ولكني مقتنع بما كتبه الله عز وجل، ولست ممن يندبون حظهم أو يندمون على «المقدر والمكتوب»، وأنا مؤمن بالقضاء والقدر، وأشعر بسعادة ورضا عن كل الأعوام التي قضيتها في ملاعب كرة القدم، سواء مع النادي الأهلي الذي قدمني للساحة الرياضية أو مع المنتخبات السعودية التي عشت معها العديد من الإنجازات التي لا تزال عالقة في ذاكرة محمد شليه. بما أنك ذكرت للتو تعايشك مع الإنجازات، هل تتصور أن نهايتك كلاعب تتواكب مع تلك الإنجازات؟ كنت أتوقع أن تكون نهايتي أفضل مما آلت إليه نهاية مسيرتي الرياضية الفعلية، لأني أعتبر أني خدمت وطني وناديي واستطعت أن أحقق إنجازات، وأتصور أن التكريم أقل وفاء يمكن أن يجعلني ألامس حدود الرضا والاقتناع رغم أني كما أسلفت أؤمن بالقضاء والقدر، وحريص كل الحرص على أن تظل علاقتي بالنادي الذي قدمني للساحة الرياضية علاقة ود وحب للأبد. المهرجان طار ولماذا لم يتم لك مهرجان اعتزال؟ النادي الأهلي وعدني بإقامة مهرجان اعتزال في الوقت الذي تزامن مع قرار الاعتزال. ما الذي حدث وأعاق تنفيذ تلك الوعود؟ بصراحة الحق يقال النية كانت موجودة لإقامة الاعتزال، ولكن هناك ظروف حالات دون ذلك. ماهي؟ إدارة النادي وكبار أعضاء الشرف باشروا التحضير وإجراء عدد من الاتصالات مع بعض الأندية الأوروبية الكبيرة بداية من أي سي ميلان ووصولا لبايرن ميونيخ الألماني، ولكن كل الاتصالات اصطدمت ببعض الظروف الخارجة عن السيطرة. حكاية التفجير ألاحظ أنك تكرر عبارة الظروف.. اذكرها بشكل مباشر؟ بصراحة قبل أربعة أعوام تقريبا وقع تفجير إرهابي في القنصلية الأمريكية في جدة، وساهمت هذه الواقعة في اعتذار أحد الفرق الأوروبية عن الحضور للمملكة وبالتالي تعثرت إمكانية إقامة المهرجان. ضاعت بالكسل ولكنك الآن تقول قبل أربعة أعوام بينما وصلت أندية عالمية مماثلة للمملكة وشاركت مع أندية سعودية أخرى في مهرجانات مختلفة.. ألا تعتقد أن هناك أسبابا أخرى حالت دون إقامة مهرجان اعتزالك حتى الآن؟ أنا أتفق معك ويمكن أن يكون كسلي وعدم متابعتي مع النادي سببا مباشرا في التأخير. وهل هذا اعتراف أم تبرير مسالم من لاعب مسالم إن صح التعبير؟ أنا صريح جدا وشفاف ولا يوجد ما أخفيه، والنادي وبكل أمانة كان حريصا جدا على تكريمي ولكن الظروف وتعاقب الأحداث والإدارات من الطبيعي أن تؤثر لاسيما إذا ما غابت المتابعة من قبلي. الكثير من جماهير الأهلي تتساءل عن محمد شليه أين هو الآن؟ أنا موجود وأعمل سكرتيرا في مكتب الأمير محمد العبدالله الفيصل. مدين لهذا الرجل ماذا عن وضعية محمد شليه المادية والتغيرات التي طرأت عليه بعد أن ودع ملاعب المستديرة؟ طالما أني أعمل مع الأمير محمد العبدالله فأنا مستقر الحال، ولا أخفيكم بأن الوضع قبل التحاقي بهذا العمل كان صعبا، وللحقيقة أنا أدين بالكثير للأمير محمد الذي غمر أهلاويين كثيرين بالوقفات المشهودة، وكلي شرف أن أكون أحد الأشخاص الذين يعملون تحت مظلته كونه مدرسة في كل شيء وقبل ذلك إنسان وداعم رئيسي للوطن سواء من بوابة الرياضة في أعوام مضت أو في الكثير من الجوانب الأخرى. معادلة الاعتزال هل كنت من اللاعبين الذين كانوا يضعون مرحلة ما بعد الاعتزال نصب أعينهم؟ بصراحة غالبية اللاعبين لا يعملون بهذه المعادلة، ويمكن أن تقول إني لحقت نفسي متأخرا، غير أن أرض الواقع تضع اللاعبين المعتزلين أمام مرحلة غاية في الصعوبة في الفترة التي تعقب توديعهم للملاعب، والرسالة التي لا بد أن أوجهها للاعبين كافة تشترط ضرورة أن يفكروا في الأيام التي تلي اعتزالهم. وهل هذه الإجابة تشعرك بأنك نادم على تعاملك مع تلك المرحلة؟ أفيدك بأن الفترة التي قضيتها في الملاعب والتي تجاوزت ال12 عاما لم تتعايش مع الملايين المتناثرة كالتي نشاهدها حاليا وبالتالي فإن خيارات لاعبي الجيل الحالي هي أفضل وأكثر من اللاعبين ممن كانوا في جيلنا أو في الأجيال التي سبقتنا ومن ثم لابد للجيل الحالي أن يستفيد ممن سبقه في هذا المجال. جيل مظلوم من وجهة نظرك كيف تقيم الملايين التي كانت تصرفها الأندية على اللاعبين في الأعوام الماضية مقارنة بالفترة الحالية؟ قد يفسر كلامي بأنه حسد أو من هذا القبيل، ولكني سأتحدث من منظور فني فقط، فمن الظلم أن تشاهد لاعبين يتسلمون عشرات الملايين وتدير في نفس اللحظة ظهرك لتستذكر لاعبين بحجم خالد مسعد أو يوسف الثنيان والقائمة تطول وتقارن بين ما يتسلمه لاعبو اليوم بما كان يتسلمه لاعبو الأمس. أدرك أن هذه المتغيرات ليست مرهونة بأسماء وواثق بأنه تغيير عصري ولكنه في الوقت نفسه يبخس ويستفز ويصادر نجومية أسماء نحتت في الصخر وقدمت لاعبين عاديين جدا وصنفتهم ماديا في مرتبة أعلى من النجوم الحقيقيين الذين لا يختلف على نجوميتهم وإنجازاتهم اثنان .