ليس أسوأ من أن تكون ضحية لموعد عربي تتحول معه لتمثال من الحيرة والملل في انتظار طرف ثان ربما يحضر ليصب في أذنك أسخف عذر عرفه العالم: «معليش!» وربما لا يحضر فيبقى التمثال على ما هو عليه حتى يأذن الله بانفراج أزمتك! ولأن المعايير أصبحت مقلوبة كما الأشياء الأخرى تماما، فإن من يحضر إلى موعده في الوقت المحدد يتحول إلى «أهبل» و «متخلف» وبحاجة إلى من يلقنه درسا في النظام العربي الذي يجرم الحضور في الوقت المعين! نتأخر عن مواعيدنا ونحن نتأكد يوما بعد آخر أنها من أبرز صفات المجتمعات المتخلفة! نتخلف عن التزاماتنا حتى ننهي كل الأعذار عن بكرة أبيها، نضرب بوعودنا عرض أكبر حائط نعرفه، نفعل ذلك بعد أن نقرأ باهتمام: «.. وإذا وعد أخلف»! أما القسم الثاني الذي حدثتكم عنه في مقال أمس بعد أن أجمع أئمة المتخلفين عن مواعيدهم على تسمية القسم الأول ب «الموعد العربي»، فسيكون من دون شك «الموعد الغربي» الذي التزم به أهله فدفع بهم لقيادة دفة العالم! التزم الغرب بمواعيدهم في سائر المجالات, وعندما أقول: سائر المجالات، فإن الشرطة الإيطالية عندما ألقت القبض على زعيم المافيا «سالفاتوري لو بيكولو» في جزيرة صقلية، عثرت على ما سمته بالوصايا العشر التي يعتقد بأنها صيغت كي تكون مرشدا للعضو الجديد في العصابة، وتنص الوصية الأولى في تلك الوثيقة ب «يجب احترام الوقت!» الوصية التي جعلتها عصابة تحتفل كل سنة بالذكرى المئوية لتأسيسها! أما هنا فيقتصر استخدامنا للموعد الغربي في حالة نادرة، كأن تتأخر في سداد فاتورة جوالك ليتحول في اليوم المحدد لقطعة من الأثاث, أو أن تتجاهل فاتورة الكهرباء حتى يحين موعد فصل التيار الذي ستصبح مع أول دقائقه أفضل صديق للشموع!