الخليج يعزز هجومه بالنمساوي «مورغ»    «سلمان للإغاثة»: تدشين مشروع أمان لرعاية الأيتام في حلب    فانتازيا المسلم بين سحرية التراث ورفض النخبة    هل سمعت يوماً عن شاي الكمبوتشا؟    دهون خفيّة تهدد بالموت.. احذرها!    قلوب مجهدة في الشتاء!    رابطة العالم الإسلامي تعزي في ضحايا حادثة اصطدام الطائرتين في واشنطن    "الدهام" و"فيريرا" يكملان قائمة تحدي الخيالة الدولي بكأس السعودية 2025    القاتل الثرثار!    وفاة ناصر الصالح    العنزي يحصل على درجة الدكتوراة    منتدى مستقبل العقار    هل تنجح قرارات ترمب الحالية رغم المعارضات    مدرب الفتح قوميز: القادسية فريق قوي وعلينا التركيز لتحقيق أداء مميز    قوة صناعية ومنصة عالمية    «الأونروا» لا تزال تعمل في غزة والضفة الغربية رغم الحظر الإسرائيلي    قوة التأثير    اقتناص الفرص    مواعيد إقلاع الطائرات.. «سافر .. ما سافر» !    الغامدي ينضم الى صفوف نيوم على سبيل الاعارة    دمبلينغ ينتصر على دا كريزي في "Power Slap" ويهيمن على الوزن الثقيل جداً    نيوم يعير آل سعد الى دانكيرك الفرنسي    نيابة عن أمير قطر.. محمد آل ثاني يقدم العزاء في وفاة محمد بن فهد    «الروبوتات» والأرحام الاصطناعية.. بين الواقع والخطر!    خاصرة عين زبيدة    لماذا صعد اليمين المتطرف بكل العالم..!    السفراء وتعزيز علاقات الشعوب    التراث الذي يحكمنا    مقومات الانتصار والهزيمة    حوكمة لوائح اختيار رؤساء الأندية    المطوع ل «عكاظ»: لن أترك «هوساوي» للنصر    إحباط تهريب 2.9 كجم "حشيش" و1945 قرصًا خاضعًا لتنظيم التداول الطبي في تبوك    مصحف «تبيان للصم» وسامي المغلوث يفوزان بجائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام    «الأونروا» تعلن نقل موظفيها خارج القدس المحتلة بسبب قرارات إسرائيل    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الأميرة وطفاء بنت محمد آل عبدالرحمن آل سعود    شراكات جديدة بين هيئة العلا ومؤسسات إيطالية رائدة    تتيح لهم حضور الجلسات القضائية بالصوت والصورة.. «العدل» تُطلق مبادرة خدمات السجناء    تجمع القصيم الصحي يفوز بأربع جوائز في ملتقى نموذج الرعاية الصحية السعودي 2025    "مفوض الإفتاء بمنطقة حائل":يلقي عدة محاضرات ولقاءات لمنسوبي وزارة الدفاع    مستشفى خميس مشيط للولادة والأطفال يُنظّم مبادرة " تمكين المرض"    وزارة الشؤون الإسلامية تقيم يومًا مفتوحًا للمستضافين في برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين للعمرة    الديوان الملكي: وفاة الأميرة وطفاء بنت محمد آل عبدالرحمن آل سعود    الأرصاد: سحب رعدية ممطرة على مرتفعات مكة والجنوب وأمطار خفيفة بالرياض والشرقية    المفتي للطلاب: احذروا الخوض في منصات التواصل وتسلحوا بالعلم    عشر سنبلات خضر زاهيات    تعزيز العلاقات البرلمانية مع اليابان    مدن ومجتمعات صديقة للبيئة    في إجتماع "المؤتمر الدولي" .. وزير الموارد البشرية: المملكة تسعى لتصبح مركزا رئيسياً لاستشراف مستقبل أسواق العمل    أهم الوجهات الاستكشافية    وسط حضور فنانين وإعلاميين .. الصيرفي يحتفل بزواج نجله عبدالعزيز    البهكلي والغامدي يزفان "مصعب" لعش الزوجية    مختبر تاريخنا الوطني    الإرجاف فِكْر بغيض    «السياحة الثقافية».. عندما تصبح الفنون جواز السفر    حسام بن سعود يستعرض مشروعات المندق    التقويم المدرسي.. نجاح يعانق التميز    أمير حائل يناقش خطط القيادات الأمنية    خطورة الاستهانة بالقليل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أدلجة الفن.. «عذراء الصخور» نموذجا
نشر في شمس يوم 22 - 06 - 2010

كما أن الإنسان ابن البيئة، كذلك الفنان حين يترجم حزمة مفاهيم وأفكار اجتماعية أو دينية أو غيرها في خطاب فني من خلال الأنماط الفنية التي يجيدها، وذلك يجعلنا نضع مقاربة عن دور الفن في خدمة الدين والعلاقة بينهما، وفي الواقع فإن الفن كاصطلاح ينحاز إلى قضايا الدنيا ولا يمكن عزله عن الدين بعملية انزياح متعمدة بوصفه عبثا أو تشويشا للعقائد وتخريبا لقدسية الثوابت، وربما ينطوي ذلك على إفراط في رفضه، على الرغم من أنه وسيلة استقطاب مهمة لما هو ديني، وذلك يجعل تلقائيا فكرة أدلجة الفن مما لا يمكن رفضه إذا كان يحقق أعمالا مهمة وحيوية في الوجدان الإنساني.
تلك الأدلجة تبرز بوضوح في تجربة العبقري الإيطالي ليوناردو دافنشي الذي رسم الموناليزا ولا يزال الناس يتراوحون بين ابتسامتها وسخريتها فخلدت اللوحة والفنان، وبالعودة لمفهوم الأدلجة الفنية فإننا نلتمس ذلك في لوحته «مادونا أوف ذا روكس» أو سيدة الصخور التي رسمها بناء على طلب إحدى الجمعيات الدينية لتزين بها القطعة المركزية في «كنيسة سان فرانشيسكو» في ميلانو.
والأدلجة في ذلك أن الفكرة الكلية للمضمون الفني لم تكن من صميم وحي دافنشي وإنما من الراهبات اللائي أعطينه أبعاد وتفاصيل اللوحة المطلوبة، غير أنه بعد أن انتهى منها لم تجد القبول من طالبيها فقد شطح دافنشي في التعاطي مع الفكرة الدينية فيها وأسقط فيها تفاصيل غير مرغوبة أو متوافقة مع الروح الدينية، ولذلك فإنه بادر بمعالجات فنية أصلحت بعضا من أفكاره الفنية التي شوهت الرؤية الدينية، وبالتالي فقد رسم تلك اللوحة مرتين، وكانت الثانية هي المتوافقة مع الكنيسة وحفظت حتى اليوم في متحف لندن المحلي باسم عذراء الصخور، بينما احتفظت الأولى التي تقبع في متحف اللوفر باسم سيدة الصخور.
والمفهوم الديني في اللوحة التشكيلية ظل متطورا وحاضرا في الثقافات الفنية المختلفة لجميع الأديان، وصاحبته تداخلات مختلفة بحسب الحضارات التي تدينت بتلك الديانات ومزج فنانوها لاحقا بين كثير من تلك الثقافات، وحتى في الإسلام كانت النقوش الإسلامية عبر العصور المختلفة تحتفظ بكثير من تداعيات الثقافات والحضارات التي دخلت الدين، ولذلك فإن الأدلجة الفنية أصبحت سائدة في الخطاب الفني عبر العصور، وحتى بيكاسو مارس أنماطا من الأدلجة في لوحاته التكعيبية، غير أن نموذج دافنشي في لوحة عذراء الصخور أو سيدة الصخور يؤكد أن الأدلجة عملية ديناميكية تؤثر في الفنان أيا كانت قدراته الفنية، وقد كان من حقه أن يرفض خصوصا أنه رسم بإيحاء خارجي كامل، وعندما أسقط بعضا من رؤاه التي غالطت حقيقة التفاصيل الكنسية اضطر إلى إعادة الرسم، ما يعني أن الفنان خاضع بشكل ما للمعيار الديني أو هو قابل لذلك.
وفي الحقيقة كان دافنشي يكره الفن على الرغم من حضوره التاريخي في المشهد الفني العالمي، وقد تردد قبل أن يرسم الموناليزا التي تعد أعظم الأعمال الفنية العالمية، ولم يتوقف الأمر عند ذلك وإنما رسم لوحة «العشاء الأخير» التي تعد أحد أعظم إبداعاته وكانت باكورة أعماله وأخذت منه جهدا كبيرا وهي عبارة عن لوحة زيتية جدارية في حجرة طعام دير القديسة ماريا ديليه جراتسيه ميلانو، ولكن شابتها بعض العيوب التقنية ما أدى إلى تلفها ولم تفلح كل الجهود للحفاظ عليها، وهي مقاربة مهمة بين الديني والفني مضت إلى التلاشي غير أنها بقيت شاهدا على العلاقة بين الدين والفن ودور الفنان في التعبير الفني عن الدين ووقائعه.
تلك العلاقة دائما تعيدنا للوحة عذراء الصخور التي اختلف النقاد في تفسيرها وفقا للوقائع المسيحية، ولكنها تبقى نموذجا كاملا لارتباط الدين بالفن وتأثير أحدهما في الآخر، ما يتجه بنا إلى أن أدلجة الفن مسألة فكرية تسيطر بصور نسبية على الفنان وتقدم منجزه في الإطار الديني وتسبغه بالقيم الدينية لحاجته إلى نوع من الضوابط التي تؤطر معاييره الفنية وتقترب به من الوسط الذي يعبّر عنه فنا راقيا يبحث له عن القبول، وذلك ما احتاج إليه دافنشي في سيدة الصخور أو عذراء الصخور ثانيا، ليؤكد أن استجابته كانت من صميم الفكرة المحورية لأدلجة الفن واحترام القيم الدينية وتبعية الفن وخدمته للدين .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.