من مزايا المرايا العديدة أنها لا تجيد فن الكذب مطلقا! جرب إن ساورك شك في ذلك، أن تسأل صديقك المتملق إن كانت عوامل الزمن قد فعلت الأعاجيب في وجهك؟ وعندما يكذب ويحلف لك أنك أكثر نضارة من «براد بيت»!! ويكذب مرة أخرى حين يقسم أنه كان يظنك في العشرين من عمرك حين التقاك أول مرّة! فانتقل بعد ذلك لل «مرآة» التي لم تتملق لأحدهم من قبل، وستظهر لك بدقة عالية كل التصدعات المحفورة بعناية على باطن خدّيك وجبينك! وتجيبك صدقا، حين توافيك بكل شعرات رأسك وذقنك التي انتهت صلاحيتها فرفعت رايتها «البيضاء» استسلاما! بل وستجعلك تعيد النظر في صديقك هذا الذي يبدو أن أوراقه اختلطت بين «براد بيت» و«مستر بن»! بالفلسفة السابقة يقع بعض أصحاب الصلاحيات هنا ضحية كائنات متملقة متسلقة لا تبعد عنهم كثيرا ممن لا هم لهم سوى السعي الدؤوب والمستمر لتلميع كل الصور الباهتة التي قد تقع أمام أعين سعادته، لتخرج تلك الصور بعد معالجتها في معامل الكذب والزور والتضليل و«الفهلوة» في أبهى الحلل وأجملها! رافعين في مهمتهم ذلك الشعار الذي يثبت يوما بعد يوم أنه ساري المفعول باقتدار «كله تمام» أمام كل صاحب مظلمة ممن تسول له نفسه تعرية الصورة أو على الأقل عرضها كما هي! وأرجو ألا تستعجلوا بإلقاء اللوم على هذه الكائنات التي تتكاثر طرديا خلف كل صاحب صلاحية لأسبابها الخاصة، وضعوه على صاحب الصلاحية الذي لم يحسن اختيار «مرآته»! فبعض المرايا البشرية تظهر الأحمر أخضر، وتحيل «بلوى» إلى «سلوى» بل ودون حياء تحول «ألم» إلى «نغم»!! وتحذف نقاط «زحمة» لتصبح «رحمة»!!