كم أدهشني ذلك الطفل في أحد البرامج الأمريكية للمواهب. ولم يكن عزف الطفل هو سبب دهشتي رغم إتقانه وروعته، ولكن شخصية ذلك الطفل كانت مثيرة للاهتمام. فلقد كانت نظرة الثقة الحادة وطريقة كلامه وتحدثه عن نفسه وطريقة تعامل والده معه مثيرة في حد ذاتها، فكان كرجل بهيئة طفل صغير، وهي ميزة قلما تجدها في الكثير من الأطفال، فالكثير منهم يعاني فوبيا اجتماعية، فعندما تتحدث معه يتلعثم ولا يمكن أن تعي منه جملة مفيدة. ولكن هل الأهل من يقومون بزراعة تلك الثقة في أبنائهم وهل لهم دور في شخصية أبنائهم وبناء معالم شخصيتهم؟ أريد التحدث عما أراه في مجتمعنا وفي أطفالنا وطريقة معاملة محيط الأسرة، فالبعض يحيط أبناءه بدوامة التحطيم النفسي؛ فهو لا يثق في أفكارهم ولا يناقشهم بطموحاتهم وأحلامهم، ويعتقد أن تلك المرحلة لن تؤثر بشخصية الأبناء، وإنما هو مجرد طفل لا يعي ما يقوله، ولا نهتم لتلك الموهبة التي بداخله. فالبعض أعطى الحرية لأبنائه لممارسة سياسة الشارع والتي هي في بعض الأحيان تشبه الغابة «البقاء للأقوى»، وبعضهم يفكر في عزل طفله تماما عن المحيط الخارجي، فيقضي معظم أوقاته داخل المنزل في أوساط نسائية؛ وهذا يؤثر على شخصيته بشكل سلبي. «علموا أبناءكم الرماية والسباحة وركوب الخيل» كما ورد في الأثر عن الصحابي عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فالرماية تبني الشجاعة داخل النفس والسباحة فوائدها كثيرة للجسم وركوب الخيل ينزع الخوف ويبعث الثقة داخل الطفل. فصقل ملامح الشخصية للأطفال في سن مبكرة يساعدهم في مواجهة حياتهم ويمكنهم دوما من الاستقرار في حياتهم القادمة، كما أن الحوار معهم ومناقشة وجهات نظرهم باحترام ينمي شخصياتهم.