اثارت مسألة الاستفتاء الذي اجري في سويسرا اخيراً وكانت نتيجته منع بناء المآذن الجديدة في البلد، موجة عارمة من الاستنكارات ان في سويسرا او في غيرها من الدول وصولا ًالى الفاتيكان نفسه. وفيما حاولت السلطات السويسرية التخفيف من وقع المسألة حين قالت ان منع بناء المآذن لا يعني منع بناء المساجد، كانت الدول تعترض على مسألة مهمة وهي حرية التعبير الدينية واحترام الديانات الاخرى. وتشير المعلومات الى ان الخطوة السويسرية اتت علنية لمخاوف سرية بدأت تظهر للعلن من ان تتحول القارة الاوروبية الى غالبية مسلمة بفعل التنامي الكبير للوجود الاسلامي في العديد من الدول ومنها على سبيل المثال لا الحصر المانيا وفرنسا. وتضيف المعلومات ان هذا التخوف هو السبب الرئيسي لقيام عدد من الدول الاوروبية بمنع الفتيات من ارتداء الحجاب الى الاماكن العامة والمدارس وهو امر اخذ حقه في الاعلام والسياسة، قبل ان ينحسر دون ان يعطي النتيجة المرغوبة، وتأتي الاحصاءات لتزيد من عوامل القلق والخوف لدى المسؤولين في البلدان الاوروبية ومنها تقرير نشر اخيراً يفيد ان نسبة المسلمين زادت في العالم 7 في المئة، وان غالبية المسلمين لا تعيش في بلدان اسلامية، فيما تتواصل التقارير التي تفيد بأن اعداد المسلمين في اوروبا ستصل الى نحو 10 في المئة من عدد سكان القارة العجوز عام 2020 والى نصف عدد السكان بعد نحو خمسين عاماً. من هنا، اختارت سويسرا الطريق الاصعب للتعبير عن مخاوفها، وهو امر لا يمكن لباقي الدول مجاراتها به نظراً الى العدد الكبير من الجاليات المسملة فيها، وهو امر قد يكون السبب في حصول اضطرابات ترتد سلباً على الدول المعنية. اما الفاتيكان، فهو ليس ببعيد عن هذا القلق، انما عليه ان يحافظ على مكانة معينة، من هنا يمكن فهم انتقاده لمنع الحريات الدينية، لانه يغمز من قناة اخرى وهي السماح للمسيحيين في الدول المسملة من بناء كنائس يؤدون فيها صلواتهم، فعين الفاتيكان تتركز حالياً على الشرق الاوسط حيث يتخوف الكرسي الرسولي من تراجع حاد ومخيف لاعداد المسيحيين في هذه المنطقة عد عقود قليلة من الزمن، ولا مصلحة للفاتيكان في تحويل مسيحيي الشرق الاوسط الى اوروبا لدعم هذه القارة "مسيحياً"، بل هو يفضل بقاءهم في اماكنهم وتعزيز وضعهم. وحتى يتم حل هذه المعضلة الكبيرة، ستكون اوروبا في انتظار مزيد من الاجراءات والتدابير التي لن تعجب المسلمين، دون ان تصل الامور الى حد المواجهات او الاضطهاد بطبيعة الحال.