رغم التحركات الرسمية المكثفة من الجانبين لتخفيف حدة الاحتقان الجماهيري قبل انطلاق مباراة مصر والجزائر في آخر جولات المجموعة الثالثة المؤهلة لنهائيات كأس العالم بجنوب إفريقيا 2010 ، إلا أنه ما أن وصلت بعثة منتخب الجزائر إلى القاهرة إلا وترددت أنباء عن قذف الحافلة التي تقل اللاعبين الجزائريين بالحجارة من قبل بعض الجماهير المصرية ، مما أدى إلى إصابة أربعة منهم بإصابات طفيفة ، هذا فيما نفت مصادر أمنية مصرية بشدة حدوث مثل هذا الأمر ، موضحة أن تحطم إحدى نوافذ الحافلة كان من الداخل وليس من الخارج . ومن جانبه ، أكد مراسل قناة العربية أن بعثة المنتخب الجزائري وصلت بسلام إلى مقر إقامتها في القاهرة عصر الخميس الموافق 12 نوفمبر وسط حراسة أمنية مشددة ، كما أن بعض الجماهير التي كانت موجودة لحظة وصول البعثة لمطار القاهرة الدولي كانت تهتف فقط باسم مصر . التصريحات السابقة يبدو أنها لم تقنع البعثة الجزائرية التي استنجدت بالفيفا وبالفعل قام مسئول من الفيفا بعقد لقاء مع مسئولي البعثة بالإضافة إلى مسئولين مصريين . وكان التطور الأخطر فيما سبق هو إعلان "قناة الجزيرة" عن قيام وزارة الخارجية الجزائرية باستدعاء السفير المصري في الجزائر للاحتجاج على إصابة عدد من اللاعبين الجزائريين . التحرك السابق جاء متناقضا مع الجهود التي بذلت خلال الساعات الأخيرة لتخفيف الاحتقان الإعلامي والجماهيري بين الجانبين ، فقبل الأحداث الأخيرة ، التقى وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط بنظيره الجزائري مراد مدلسي يوم الخميس الموافق 12 نوفمبر / تشرين الثاني حيث شددا على مشاعر الاحترام والمودة التي تسود العلاقات بين البلدين وأن المنافسات الرياضية يجب أن تكون مناسبات للتقارب والتعارف وليس التنافر أو السلوك السلبي. وقال حسام زكي المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية في تصريح صحفي إن ملاحظات الوزيرين وردت خلال لقائهما على هامش مشاركتهما في اجتماعات لجنة متابعة مبادرة السلام العربية بمقر جامعة الدول العربية بالقاهرة. ونقل عن الوزيرين تأكيدهما في هذا الإطار على الثقة بأن المسئولين في مجالات الرياضة والإعلام والأمن سيبذلون جهدهم من أجل إبقاء المنافسة الكروية بين منتخبي البلدين مساء السبت باستاد القاهرة في إطارها السليم. وأشارا أيضا إلى أهمية ان تخرج المباراة الفاصلة في الجولة الأخيرة للتأهل إلى كأس العالم في جنوب إفريقيا 2010 بالشكل الذي يليق بسمعة البلدين ويعكس حضارتهما خاصة وأن فوز أي منهما يعني تمثيلا عربيا في المسابقة العالمية. وقال أبو الغيط في هذا الصدد إن العلاقات المصرية الجزائرية أكبر وأعمق بكثير من أن تهزها أو تنال منها منافسة رياضية من أي نوع ، مؤكدا ترحيب مصر بضيوفها الجزائريين وسهرها على رعايتهم خلال تواجدهم في البلاد. لقاء صقر وجيار وبجانب لقاء وزيري خارجية البلدين ، أكد وزير الشباب والرياضة الجزائرى الهاشمى جيار ورئيس المجلس القومى للرياضة المصري حسن صقر قوة ومتانة العلاقات التي تربط بين بلديهما وأعربا عن أملهما في أن تخرج مباراة المنتخبين نظيفة في إطار التنافس الشريف. وسعى الجانبان خلال مؤتمر صحفي بالقاهرة إلى تهدئة الأجواء التي تحيط بالمباراة الحاسمة في تأهل أحد المنتخبين إلى نهائيات كأس العالم التي تستضيفها جنوب إفريقيا العام المقبل. وقال وزير الشباب والرياضة الجزائرى في هذا الصدد إن اجتماعه مع صقر يعد انطلاقة جديدة بين الجزائر ومصر فى المجال الرياضى ، مشيرا إلى اتفاق مبدئى على توقيع بروتوكول للتعاون الرياضي لوضع خطوط رئيسية في مجال التبادل الرياضى في كرة القدم ومختلف الرياضات الأخرى. وأضاف أن المناوشات التى حدثت من بعض وسائل الإعلام فى البلدين في الآونة الأخيرة لا تعبر عن الرأى العام المصري أو الجزائري في ظل العلاقة القوية بين البلدين ، مؤكدا أنه لا يمكن لتسعين دقيقة فى كرة القدم أن تؤثر سلبا على العلاقات القديمة العميقة بين الشقيقين. ودعا جيار إلى ترك المنتخبين للتركيز في المباراة كما دعا جماهير البلدين للتشجيع بشكل مثالي ، مشيرا إلى أنه سيجتمع بالمنتخب الجزائرى بعد وصوله إلى القاهرة للحديث مع اللاعبين والجهاز الفنى لتقليل الضغط الواقع عليهم . وأشاد في الوقت نفسه بالأمن المصرى وقدرته على احتواء المباراة وإخراجها بالمستوى المتوقع لضمان سلامة جماهير البلدين. ومن جانبه ، أكد صقر أن العلاقات المصرية الجزائرية أقوى من مجرد مباراة فى كرة القدم ، موضحا أنه سيتم تدعيم العلاقات الثنائية فى إطار بروتوكول للتعاون الرياضي سيتم تفعيله العام المقبل ويضم رعاية مجموعة من الفرق الرياضية إلى جانب تنظيم أسبوع صداقة لتبادل الفرق بين البلدين. ولفت إلى أن جميع القيادات الرياضية تعمل على إخراج المباراة بشكل لائق ، ودعا الجماهير إلى التشجيع المناسب ، معربا عن أمله في أن تخرج المباراة نظيفة فى إطار التنافس الشريف. وأكد صقر الالتزام بطلب مقدم من الجانب الجزائرى بتوفير ألفي تذكرة والعمل على توفير متطلبات السفارة الجزائرية بتذاكر إضافية ، مشيرا إلى الاتفاق مع الأمن على دخول الجزائريين من بوابة واحدة لعدم حدوث أى احتكاك بين جماهير البلدين. ودعا إلى عدم الضغط على الأجهزة الفنية للمنتخبين ، منوها بدور الإعلام في تقليل الضغوط على الأجهزة الفنية واللاعبين وتهدئة الشحن الجماهيري فى البلدين.