اليوم وبعد مرور 750 عاما، يرتفع “بيت جديد للحكمة” في الصحراء العربية، ويتحول الحلم الذي داعب مخيلة الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - منذ أكثر من ربع قرن لحقيقة ماثلة وواقع معاش، وكما أكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله خلال الكلمة التي ألقاها في حفل وضع حجر الأساس، «ستكون جامعة الملك عبدالله منارة للسلام والأمل والوفاق، وستعمل لخدمة شعب المملكة ولنفع جميع شعوب العالم عملاً بقول الله تعالى في كتابه العزيز ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا)، ورغبة منه يحفظه الله في إحياء ونشر فضيلة العلم العظيمة السامية التي ميزت العالمين العربي والإسلامي في العصور الأولى، أنشأ الملك عبدالله بن عبدالعزيز جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية لتكون بيتًا جديدًا للحكمة على شواطئ البحر الأحمر وكأول جامعة بحثية تقام في البلاد، وإعلانه يحفظه الله عن رؤيته جاء خلال رعايته حفل أهالي الطائف، في 22 يوليو (تموز) 2006، وقال في خطابه وقتها: يسعدني من هذا المكان، ان أعلن عن بدء مشروع رائد من مشاريع المستقبل هو جامعة للعلوم والتقنية، جامعة بكل ما تحمله الكلمة من معنى تكرس جهودها لانطلاق عصر جديد من الابتكارات والاكتشافات العلمية. وعهد وفقه الله إلى شركة أرامكو السعودية إنشاء هذه الجامعة، وتحقيق ذلك الحلم وتولت مهمة إنشاء جامعة الملك عبدالله وفق الرؤية الكاملة لمؤسسها يحفظه الله، وفي 21 أكتوبر من عام 2006 وضع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حجر الأساس لجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، التي تعد واحدة من أكبر الجامعات البحثية على مستوى العالم، والذي ينتظر منه وضع البلاد على أعتاب اقتصاد المعرفة والبلاد في مصاف الدول المتقدمة، وتوالت بعد ذلك زياراته الميمونة لهذا الصرح العلمي واستمرت متابعته لتنفيذ مرافقها. وذكر رئيس جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية البروفسور تشون فونغ شي، أن الجامعة ستكرّس جهودها الأكاديمية لبناء قاعدة دراسية علمية وتقنية صلبة، كما ستستفيد من قاعدتها العلمية والتقنية لتنويع اقتصاد المملكة، وتحويله إلى اقتصاد معرفي، ما يمكن أن يحدث تغييراً ايجابياً في حياة الناس، سواء في المملكة أو على مستوى العالم، خاصة عبر تنوع ثقافات الطلاب القادمين من مجتمعات ودول مختلفة. واعتبر شي بدء دراسة الدفعة الأولى من الطلاب (374 طالبا وطالبة)، بمثابة الانطلاق الفعلي لطموح الجامعة العلمي، والتي تسعى لتكون الميناء الجديد للمعرفة في الشرق الأوسط، من خلال الاهتمام الأكاديمي المركّز على العلوم والتقنية، وتنوع طلبة الجامعة واختلاف مشاربهم الثقافية والاجتماعية. وكانت المرحلة الثانية في تحول الرؤية إلى واقع عندما قام فريق من أرامكو السعودية فريق عمل محترف في تخصصات عدة بقيادة نائب رئيس الشركة المهندس نظمي النصر وبدأ يعمل باتجاهين مختلفين، الاول هو وضع الاساس الأكاديمي المتوافق مع فلسفة اقامة جامعة غير تقليدية، تقوم على اساس البحث العلمي والاقتصاد المعرفي، وتناضل من أجل كسب اعتراف الجامعات العريقة في العالم، وخاصة العلماء الذين يتوقع أن يساهموا في المشاريع البحثية في الجامعة. أما الاتجاه الآخر، فهو انشاء مدينة جامعية على أحدث طراز وعلى أرقى المواصفات وبما يتلاءم وخصوصية هذه الجامعة وحاجاتها، وايضاً أن تنفذ في وقت قياسي لا يتجاوز ثلاث سنوات. فعلى المسار الأول توالت زيارة فرق العمل لأفضل المراكز البحثية وأعرق الجامعات العالمية المهتمة بالأبحاث، وشملت أكثر من 25 جامعة، وتعددت الاجتماعات واللقاءات لامناء الجامعة والقيادات العليا بها تمخضت عن عقد شراكات عالمية واستقطاب قيادات بارزة واعضاء هيئة تدريس متميزين (71) من اعرق الجامعات العالمية، وتم ترشيح الباحثين ووزعت المنح واختير الطلاب والموظفون من 60 دولة من أنحاء الكرة الارضية فضلا عن توفير تجهيز مراكز البحوث وبقية مرافق الجامعة .