لا ننكر بأن طبيعة البشر لا تميل للاستمتاع بالألم مهما كانت درجته ، ولا تميل لاستمراريته في حياتها مهما ربطه بالجزاء المقابل له في ديننا الإسلامي كما ورد في الأحاديث النبوية (من يُرِد به الله خيراً يُصِب منه) أي يبتليه بالمصائب ليثيبه عليها. وعن قول الرسول الكريم (ما من مسلم يصيبه أذى إلا حاتّ الله عنه خطاياه كما تحَات ورقُ الشجر) عن صحيح البخاري. وكذلك الديانة المسيحية ترى في الألم مطهرة للروح وتكفيراً للخطايا ! ولكن لو ناقشنا درجة الألم على المستوى الجسدي والنفسي لنجد أن المرأة أكثر من الرجل تعرضاً للألم من الرجل! وأن جسدها مرصود بأنواع متعددة من الألم ومنها تجربة الزواج وتجربة الحمل والولادة والتي قد تفقد حياتها بسببها! لذلك نجد أن قابليتها للآلآم النفسية قوية وتستعين عليها بالصبر واحتساب الأجر حتى وصل كثير من النساء في طبقات مختلفة من العالم بأنه من واجبها كامرأة هو تحمل الألم والصبر عليه وتقبله مهما كانت النتائج ، واعتباره ابتلاء من رب العالمين وأن الصبر عليه كفارة للخطايا ، ويساعد على تخطي أزمات أكبر في الحياة ، وهذا يتضح في الحديث النبوي صلة الوصب بالابتلاء (ما يصيب المؤمن من نصب ولا وَصب ولا حَزنٍ ولا أذىً ولا غمّ حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بهما من خطاياه) صحيح البخاري. وأن صبر المسلم على المصائب عبادة. فهذه الرسائل الدينية الشريفة قد تستسلم لها المرأة بالذات بطريقة خاطئة وسلبية تسيء لحياتها وفي حالات كثيرة قد تدفع حياتها ثمناً لها ! فالمرأة مثلاً لا تفوز بلذة الأمومة خاصة إلا بعدما تتعرض لتجربة الولادة المؤلمة بلحظاتها ! ولا تفوز بلذة أو استمرار الحياة الزوجية مع زوج عدواني مثلاً إلا بعدما تتحمل سلسلة من الاعتداءات الجسدية والنفسية! حيث كثير منهن متقبلات ومتكيفات مع الألم بصدر رحب وبطريقة غريبة قائمة على التبرير الخاطئ وهو (بأن الزوج السيئ من الابتلاءات الدنيوية التي تحتاج منها الصبر) لأن صبرها هذا قد يقوم على احتمالين هما :- أولهما : أملها بأن الله سيهديه يوماً ما مكافأة لها على صبرها وتكون بذلك حققت إنجازاً عظيماً في حياتها الزوجية ولم يتم طردها من سكن الزوجية وحافظت على أسرتها! وثانيهما : بأن صبرها هذا قد تلاقيه في آخرتها وتكون طاهرة عفيفة من الخطايا والذنوب نتيجة تحملها حياة قاسية مريرة حتى لو دفعت حياتها وحياة أطفالها للتهلكة والموت التعذيبي في يوم ما لأنهاستكون شهيدة! لكن وإن كانت الاستجابة للألم والأذى تختلف من شخص لآخر تبعاً لاختلاف ثقافته ودينه وتنشئته التي نشأ عليها منذ طفولته ، إلا أنني أعتبر الصبر على الأذى الهالك من إنسان آخر من الممكن الابتعاد عنه ، إنما هو استسلام مريض ولا يعتبر عبادة تستحق الجزاء الحسن! لأنه صبر يؤدي للتهلكة التي نهانا عنها ديننا الإسلامي {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (البقرة: 195) وما تقوم به كثير من النساء المعنفات من صبر وتحمل لأذى أزواجهن أو إخوانهن خوفاً من الفضيحة أو لاعتبارات قبلية أخرى إنما هو استسلام للعيش في القاع والظلام الذي قد لا يأتي بنتائجه المرجوة إلا في الحالات البسيطة من الأذى الصادر منها!