لطالما كانت الدول تنظر بعين من الاعجاب والتقدير لمنتسبي مهنة المحاماة , فالمحامي يمارس عملا نبيلا يخدم به الكثير من الناس ويبين فيه الكثير من الحقائق للمجتمع , فنصرة المظلوم وكشف ملابسات الدعوى وإنارة هيئة القضاء كلها تعد من صميم واجبات مهنة المحامي والتي باتت لديهم كالميثاق الذي يجب عليهم الالتزام به. أحد أهم الشروط التي يجب أن يتحلى بها المحامي في كل ارجاء العالم تتمثل في شرط السرية , وهو شرط يعني ضرورة التزام المحامي للسرية على جميع المعلومات أو الوثائق التي تقع بيده بسبب مباشرته لأعماله , حيث أنه من البديهي أن يتعرف المحامي على بعض المعلومات التي تمس خصوصية موكله والتي عادة لا يرغب في إطلاع الغير عليها ولم يتمكن المحامي منها إلا لأنها ستساعد المحامي في إتمام عمله , ومن المفترض على المحامي في تلك الحالة أن يراعي خصوصية موكله ويحتفظ بسرية تلك المعلومات ولا يحاول استخدامها لتحقيق مصالح شخصية أو مصالح غيره من الموكلين ولشرط السرية أهمية كبرى لدى النقابات المهنية ولدى الهيئات القضائية , لدرجة أن الاخلال بشرط السرية قد يعرض المحامي في بعض الحالات إلى حرمانه النهائي من مزاولة مهنة المحاماة , لاعتباره خان الثقة التي تم ائتمانه عليها. وفي وقتنا الحاضر انتشرت للأسف ظاهرة إفشاء أسرار الموكلين وبات الكثير من المحامين يتباهى بما لديه من قضايا عن طريق فضح أعراض الناس والتعدي على خصوصياتهم التي عرضت عليه بسبب طبيعة عمله , بل وصل الحد إلى التراشق بين المحامين عبر وسائل الإعلام ضاربين بهذا المبدأ المفترض في المهنة عرض الحائط ومتناسين أن مهنتهم التي ينتمون إليها فيها من السمو في الأخلاق ما يجعلها تتبرأ من مثل هذه التصرفات غير المسؤولة , وربما يكون التراشق الإعلامي الذي حصل بين محامي الاتحاد السعودي لكرة القدم وأعضاء الاتحاد السعودي وقيام المحامي المؤتمن بإظهار بعض المخالفات التي كانت تشير عليها الجهة التي قامت بتوكيله أمام الإعلام تعد إحدى الدلائل الواضحة على عدم الاحترام الحاصل لأدبيات المهنة. ولكن قبل أن يفكر في المردود المادي الذي من الممكن الحصول عليه من مهنة المحامي ينبغي عليهم أن يضعوا نصب أعينهم ما لمهنة المحاماة من أخلاق سامية يجب على كل المحامين التقيد بها , فمبادئ المهنة لها من الأهمية ما يكفي لجعلها للجانب المادي الذي يشكل الهدف الوحيد للكثير من المحامين في المملكة. والله من وراء القصد.