جدد قانونيون سعوديون مطالبهم بإيجاد هيئة أو نقابة تحفظ لهم حقهم في الحماية والحصانة إبان توليهم مهمات الترافع داخل الدور القضائية عن حقوق «مسلوبة» أو محاولاتهم دفع «الجور» عن موكليهم. بداية، شكا القانوني أحمد الراشد ل«الحياة» من افتقاد المحامي الحصانة التي تحميه من التعرض للسجن أو التوقيف، مطالباً وزارة العدل بحمايته ومحاسبته إذا استدعى الأمر، لاسيما وأن نظام المحاماة يحوي مواد قوية يستوجب درسها من جديد. ويوافقه الرأي المستشار القانوني خالد الزهراني، إذ أكد أن المحامي يتعرض إلى مضايقات عدة كالقذف والشتم، خصوصاً خلال ترافعه في القضايا الأسرية، مرجعاً ذلك إلى افتقاد المجتمع الثقافة القانونية. وقال ل«الحياة»: «إن الطرف الآخر يعتبر المحامي خصماً له بمجرد أنه ترافع عن موكله، ولو سلط الإعلام الضوء على الدور الحقيقي للمحامي وبيّن أنه يؤدي عمله باحترافية كأي مهنة أخرى، لأسهم ذلك في الحد من الهجوم الذي يتلقاه القانوني بمجرد تصديه لأي قضية»، مشيراً إلى أن كثيراً من القضايا الأسرية التي يترافع فيها القانوني تتحول إلى «قضايا شخصية ضده» لاسيما وأنه يطّلع على أسرار شخصية للمتخاصمين. وتوقع الزهراني أن تقل المضايقات التي يواجهها المحامون في حال مارست المحاميات المهنة بعد التصريح لهن بمزاولتها. داعياً إلى إعادة الصياغة العامة لنظام المحاماة، «إذ يوضح حقوق القانوني وواجباته، بيد أنه لم يتطرق إلى الجهة المساندة له»، مشدداً على أهمية تأسيس هيئة للمحامين أسوة بالمهن الأخرى. واعتبر دور لجنة الإشراف على المحامي محدوداً، لافتاً إلى أن المحامي في حال تعرضه للاعتداء فإن دعواه تكون فردية «كأي قضية يرفعها شخص آخر». وذكر أنه تعرض للشتم والقذف داخل المحكمة وطاولته اتهامات «سخيفة» منها أن ثمة علاقة تربطه بموكلته، لافتاً إلى أنه لا يوجد ما يرد له اعتباره. وطالب الزهراني بمنح المحامي حصانة وصلاحيات أخرى، ملمحاً إلى أن القانونيين يعانون من عدم تعاون المحققين معهم. بدوره، رأى القانوني سليمان العلوان أن المحامي يتعرض لمضايقات وربما يوقف في أي سوء فهم مع القاضي، فيما لايستطيع نظام المحاماة حمايته، معتبراً منزلة المحامي في منزلة القاضي. وأكد أن المحامي أصبح «محارَباً» حالياً، وثمة محاولات للتقليل من شأنه، موضحاً أن بعض القضاة يمارسون دور التخويف ضد المحامي، مثل توقيفه لمدة 24 ساعة. وذكر أن زميله المحامي أحمد خلف الراشد تعرض للإيقاف في المحكمة الجزئية في الرياض لمدة 24 ساعة في أحد المراكز الأمنية، وكبلت قدماه لسوء فهم بينه وبين قاضٍ. وأشار إلى أن افتقاد المحامي الحصانة يجعله يتخوف ويشعر بعدم الاستقرار الوظيفي في مهنته، ما يجعل طموحه يندثر ويتلاشى. مطالباً بالتعجيل بإيجاد هيئة للمحامين. وألمح إلى أن المنتمين للجان المحامين في الغرف التجارية يعملون من أجل مصالحهم الخاصة، مشيراً إلى أن عدداً من القانونيين لم يستطيعوا تجديد رخصهم المنتهية. وأيد القانوني عبدالعزيز الفندي، الذي حبس 22 يوماً على خلفية قضية سابقة لموكله، حول افتقاد القانونيين الحصانة، مفيداً أن المحامي إنْ عرف ما له وما عليه، والجهات المساندة له أيضاً، سيسهل عمله بين الإدارات الحكومية. وأشار المستشار القانوني خالد الدقاس إلى تعرض عدد من المحامين للشتم والسب والضرب، وأحياناً تصل إلى حد التهديد بالقتل، مرجعاً ذلك إلى افتقاد المجتمع الثقافة القانونية. وأكد أن المحامين طالبوا سابقاً وزارة العدل من طريق اللجان والغرف التجارية بتشكيل هيئة للمحامين أو جهة مختصة للدفاع عن حقوقهم، معتبراً المحامي مسانداً للقضاء وثالث المثلث مع المحققين والقضاة الذين من المفترض أن يتمتعوا بحصانة من النظام. ولفت إلى أن «لجنة قيد المحامين» في وزارة العدل محدودة المهمات وينحصر عملها في القيد وإصدار التصاريح والتأديب ومساءلة المحامي في حال ثبت قصور في عمله فقط، موضحاً أن المحامي يتعرض لكثير من الأذى يصل أحياناً من موكله الذي يرفض تسليم أتعابه، «ما يضطره لرفع قضية أخرى ضد موكله». وطالب بمزيد من التسهيلات للقانونيين خلال إنجاز أعمالهم كافة، معتبراً كتابة عبارة «على جميع الجهات النظامية والحكومية المساعدة وتسهيل إجراءاته وعمله» على بطاقة المحامي العملية لا تفي بالغرض. وشدد دقاس على أهمية نشر التوعية في المجتمع بأن المحامي يؤدي مهنته ولا توجد عداوة شخصية بينه وبين خصومه، وذلك من طريق توزيع نشرات وعقد دورات وندوات ومحاضرات لأفراد المجتمع كافة في الأماكن العامة والمدارس والجامعات وشرح النظام لهم. من جهته، أكد المستشار القانوني فيصل سراج الزهراني عدم وجود أنظمة وقوانين تحمي المحامي وتجعل له هيبة أثناء ممارسة عمله أسوة بالقاضي والمحقق اللذين يتمتعان بالحصانة، وأسوة بالمحامين في دول أخرى، معتبراً أنه «لا فرق بين المحامين و«الدعوجية» عندنا من حيث الحقوق والحماية». وأشار إلى أن المجتمع يفتقد التوعية بمهنة المحاماة، مؤكداً أنه تعرض للتهديد بالقتل والضرب في أكثر من قضية خصوصاً القضايا التي يترافع فيها عن النساء، مشيراً إلى أن الخصم يستضعف المرأة ويأكل حقوقها ويظلمها وحينما يجد المحامي يتصدى له يشرع بالتهديد، وأحياناً ينفذ تهديداته وقد يتعرض المحامي للضرب من قبل الخصم. وأضاف الزهراني أنه إذا تعرض المحامي للضرب فكل ما عليه فعله التوجه إلى الشرطة والشكوى كأي مواطن تعرض للأذى، وزاد: «ولكن لو كان المحامي يتمتع بحصانة، ولو أن هناك أنظمة تمنع التعدي على المحامين، لما تجرأ الخصوم بالأذية لمعرفتهم المسبقة بالجزاء الذي سينالونه جراء فعلتهم». وفي سياق متصل، قال مصدر مطلع في الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان ل«الحياة»: «يعتبر المحامي كأي مواطن في حال ارتكابه أي جريمة أو مخالفة أو تجاوز للأنظمة أو فيما يتعلق بممارسة مهنة المحاماة ووكالته عن الغير، فإذا احترم القيود المفروضة في النظام فلا يجوز توقيفه أو إلحاق الأذى به بسبب وكالته عن الغير، بشرط عدم تجاوزه حدود القضاة».