لا أدري أي فائدة ستجنيها المنتخبات العربية وهي تطلق اليوم مشوار منافساتها وأغلب هذه المنتخبات أرسلت قوائم أسماء عشوائية فقط لمجرد المشاركة دون أن تهتم بمشاركة الصف الأول أو حتى اختيار أسماء ينتظرها مستقبل واعد لصقل إمكانياتها وما يؤكد ذلك الانطباع السائد أن تاريخ البطولة نفسها لم يشهد انتظامًا في انعقادها بدليل أنها لم تنعقد سوى ثماني مرات في فترات متفاوتة منذ عام 1963م كما أن آخر بطولة أقيمت كانت قبل نحو عشر سنوات بالكويت وهي البطولة الثامنة مما يعني أن البطولة لم تكن تمثل شأنًا مهمًا لدى الأشقاء العرب وبعضهم يعتبرها نوعًا من تأدية الواجب دون الإيمان بوجودها للتطوير والصقل والاحتكاك وربما يكون ذلك منطقًا صائبًا عكس آخرين يخالفون ذلك الفكر ويعتبرونها تحقق أهدافا معنوية وفنية ، ولعل ما يشخص واقع هذه البطولة هو كثرة اعتذارات المنتخبات العربية قبل انعقاد البطولات بأيام أو أسابيع فمسئولو الرياضة العرب يجاملون بعضهم خلال الاجتماعات ويؤكدون المشاركة مع الكلام (المعسول) عن فوائد مثل هذه اللقاءات وقبل انطلاق الدورة ترسل اتحادات كثير من الدول العربية اعتذاراتها ، شخصيًا لم أكن أرى أن هناك حاجة ماسة لإقامة البطولة في ظل الظروف الحالية وفي ظل أن سمة التطوير تبدأ بالاحتكاك بمنتخبات وفرق أقوى ولها باع طويل وهذه السمة لا تتوفر سوى في المنافسات القارية الرسمية أو المعسكرات الخارجية وإلحاق اللاعبين بمعسكرات في الدول المتقدمة كرويًا في أوروبا أو أمريكا الجنوبية وفي كل أنحاء العالم لا توجد بطولة تمثل ديانة أو لغة معينة ولا يوجد ذلك سوى لدينا نحن العرب ، ربما الميزة الوحيدة في جانب إقامة بطولة كأس العرب هي التنشيط السياحي وذلك لا أعتقد أنه سيتحقق بنسبة كبيرة لضعف التسويق الإعلامي للبطولة. ليس مقياسًا أن نرى نجمًا تقدمه هذه البطولة كعلامة بروز وظهور لاعب فذ ، فاللاعب المميز لا تقدمه مثل هذه البطولات بل تقدمه منافسة كروية طويلة أو احتكاك بلاعبين يحاكونه أو يفوقونه إمكانيات ، وبالمناسبة فمن شاهد التصفيات الآسيوية المؤهلة لمونديال 2014م بالبرازيل صدمه ضعف مستوى المنتخبات العربية وتلقيها الهزائم الثقيلة وليس كما كانت في التصفيات التمهيدية أو عندما تقابل بعضها البعض فهي تطبق شطر البيت القائل : أسد علي وفي الحروب نعامة ومرد هذه المستويات يعود لضعف الاهتمام المبكر بالفئات العمرية وانحسار اهتمامات الدول بالمنافسات المحلية وعدم الأخذ بأسباب التطور الكروي بإقامة معسكرات في الدول المتقدمة كرويًا واستقطاب أفضل الخبرات الفنية والكفاءات وهنا أركز على أن أغلب الدول العربية غير مهتمة كثيرًا بالصرف على الرياضة عمومًا وكرة القدم خصوصًا فلديها في اعتباراتها ما هو أهم رغم أن هذه الدول قد تتوفر فيها المواهب واللاعبين الذين ينقصهم الدعم والصقل والخبرات التي تعزز جوانب موهبتهم ، ومن واقع هذه الصورة تبرز مكامن الخلل التي لا يعالجها مثل هذه التجمعات الرياضية الأخوية كونها غير معنية بالتطوير ، وبصراحة بطولة العرب وبطولة الخليج بطولتان إقامتهما وعدم إقامتهما واحد في نظر كثير من ناقدي ومقيمي مثل هذه البطولات والمبررات كثيرة.. لا أود من خلال هذه المقالة إحباط غيري ممن سيتابع هذه البطولة لكنني ربطت ما أرمي إليه بتحليل واقعي بسيط لتاريخ هذه البطولة وعدم انتظامها ولا مبالاة الاتحادات الرياضية العربية بالمشاركة وعدم استفادة المنتخبات واللاعبين العرب منها على الصعيد الفني ، فمن قمة مباريات يورو 2012 التي لا زالت أحداثها سائرة في بولندا وأوكرانيا إلى كأس العرب في جدة والطائف يصعب الحفاظ على ثبات مستوى الذوق الكروي ولكننا سنجبر أنفسنا على المتابعة لعل وعسى أن يخرج ما يخالف توقعاتنا.