ليس هناك مأساة عايشها المسلمون حول العالم كمأساة الشعب البوسني التي لا يمكن للبلاغة والبيان أن يصفا حجم جرائم الصرب فيها ، التي اقترفوها بحقه من قتل وتهجير واغتصاب وتعذيب ومقابر جماعية..!! كلنا نتذكر سراييفو وسربرنتسا وتوزلا التي دكتها مليشيات الصرب لتطهيرها من عرق البوشناق المسلم ، كما لا ننسى رئيس البوسنة ومفكّرها الراحل بيجوفتش الذي نافح عنها حتى وفاته رحمه الله ، والذي سُمِّي أحد شوارع الرياض باسمه ، ونتذكر تماماً قيام دولتنا الحبيبة بفتح أبواب التبرع لمساعدة هذا الشعب ، وكذا قيام الأمير سلمان بزيارة البوسنة وافتتاح الكثير من مشاريع إعادة الإعمار هناك. ما أشبه الليلة بالبارحة ؛ فها هي الأحداث تتكرر ، وها هو التاريخ يعيد نفسه من جديد في بلاد الشام ، فسوريا ليست سوى بوسنة جديدة ، ودرعا وحمص وحماة هي نفسها سراييفوا وسربرنتسا وتوزلا ، أما بشار فلا يعدو كونه النسخة العربية للقائد الصربي ميلوسوفيتش! ولا أراني مبالغاً في هذا التشبيه ؛ فهذه صحيفة التلجراف البريطانية تتساءل عبر إحدى افتتاحياتها عما إذا كانت سوريا ستواجه مصير البوسنة؟! كما أن وزير الخارجية البريطاني وليام هيج صرح بقوله : (سوريا تشبه أكثر البوسنة في التسعينيات). مأساة البوسنة تتكرر اليوم في سوريا أمام سمع وبصر العالم ، فبماذا سيعتذر الشرفاء عن عدم وقوفهم مع المظلومين في سوريا التي تقع في قلب العالم الإسلامي؟! فنحن الآن في سباق مع الزمن ، والتاريخ لن يرحم المتخاذلين ، وستسجِّل سطوره أحداث الأيام المقبلة كما سجَّلت مآسي الأيام الماضية ؛ ليقرأها الأبناء والأحفاد ؛ فهل سيقدم المترددون لسوريا ما يجعل الأجيال القادمة تترحم عليهم؟!