هذه الدنيا نسعى في ركابها نقتات منها ما يعيننا على الطاعة وأن نكون أعضاء فاعلين في هذه الحياة القصيرة في زمنها مهما طالت بنا الأعمار ، وخيرنا لاشك من يعمل لدنياه كأنه معمر وكل ذلك فيما يعينه على الصلاح والتقوى والفوز بالدارين مصداقاً للتوجيه السماوي الكريم (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) أسوق هذه المقدمة لعلي أواسي بها نفسي أولاً ولأدرك ويدرك غيري أن (الخيرة دوماً فيما يختاره الله) قال الله تعالى(وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم(عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له) أستذكرت ذلك وماكان يجب أن يغيب عن بالي وبال كل مسلم لحظة واحدة ، استذكرته وأنا أشارك في تأبين عائلة ذهبت بكاملها في لحظات وكان ذلك قضاءً وقدراً .. الشاب أحمد محمد صالح بركات من الشباب الذين يأسرونك بمجرد التحدث معه لدقائق، دماثة خلق وحسن إصغاء ولباقة متحدث تشرفت أكثر من مرة بلقائه أثناء زياراتي لبيشة الحبيبة إلى قلبي مكاناً وسكاناً، كان آخر لقاء لي معه في ضاحية (العطف) وآخر اتصال قبل شهر تقريباً معزياً في عمه عبدالله رحمهما الله آمين ، فيوم الجمعة الماضي كان يوماً غير عادي في بيشة وعند كل من تلقى خبر الحادث الأليم حيث كان موعد الرحيل من هذه الدنيا الفانية ولم يرحل أحمد لوحده بل كان بصحبته زوجته وطفليه (4 ، 6) سنوات لقد كان فعلاً يوماً حزيناً تفطرت له قلوب محبيه (فالعين تدمع والقلب يحزن) والكل بذات القلوب الصابرة المحتسبة مؤمنون بقضاء الله وقدره (فلله ما أعطى وما أخذ). رحل أحمد رحمه الله وبصحبته كافة أفراد أسرته الصغيرة، في يوم فضيل بعد أن صلى فجر الجمعة مع جماعة المسجد ، وعاد إلى منزله ليأخذ قسطاً من الراحة كانت هي ساعات الوداع الذي كلنا سائرون إليها عاجلاً أم آجل اً، حريق نتج عن ماس كهربائي كان معه موعد الحق ليأخذ أربعة أنفس في أقل من ساعة وهم نائمون وما كان لهم أن يصحوا إلا بما يريده وقدره الخالق جلّ في علاه، نسأله جلَّت قدرته أن يغفر لهم وأن يرحمهم وأن يجمعهم عنده في جنات النعيم مع الصديقين والشهداء. صادق العزاء والمواساة لوالده المربي الفاضل: محمد بن صالح بركات الذي شدنا فيه صبره وتماسكه فقبل فترة قصيرة فقد شقيقه وبالأمس ابنه وعائلته وهذه من صفات المؤمن ومانخاله إلا كذلك ولا نزكي على الله أحداً وصادق العزاء لوالدته وكافة أشقائه وأسرة أبوأحمد كما أتقدم بصادق العزاء للوالد: عبدالهادي الفارس والد زوجة الفقيد وأشقائه وكافة الأسرة الكريمة الذين لمست أيضاً فيهم عظمة الصبر والاحتساب جبر الله مصابهم و(إنا لله وإنا إليه راجعون).. هذا الحدث الجلل وتلك الوجوه المؤمنة الصابرة وذلك التكاتف من الأصحاب والمحبين تُجسِّد فعلاً نعمة الإيمان بقضاء الله وقدره ووجوب التكاتف والتعاضد وترجمة صور ذلك واقعاً حياً كما رأيته وأننا جميعاً دون استثناء على ذات الطريق اليوم نودع وغداً سيقف من يودعنا، فرحم الله أحمد بركات وزوحته وأطفاله وجبر الله مصيبة أهله وأحبابه وجزى الله كل من وقف وشارك خير الجزاء وأحسن لنا وللجميع الختام (إنا لله وإنا إليه راجعون).