قال تعالى: (وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجلاً) صدق الله العظيم. مهما جل المصاب وكبر فإن الايمان والصبر والرضا بقضاء الله هو العزاء، ومهما كان فقد الرجال الذين عهدتهم الدنيا ذوي همم وهامات وقامات شوامخ إلا أن أعمالهم هي التي تجعل من اليقين بأن البصمة باقية والأثر موجود هو الملهم والمغذي للسلوان. والأثر الطيب هو نتاج الشجر الطيب الذي بحمد الله غرسه صاحبه يظلل الناس ويحفهم بالأكل، ومهما جالت الكلمات في الخواطر وقالت الألسنة وتأمل الناظر لن يجد عزاءً خيراً من قول الله تعالى: (وبشر الصابرين) عسى الله أن يجعلنا منهم. وأول ما يتبادر لنا في تعازينا الحارة في فقد سلطان الخير ورافده الذي لم ينضب لأبينا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وكل أصحاب السمو الملكي نسأل الله أن يبارك لنا في عمره وصحته وعافيته وأن ينعم على كل الأسرة المالكة بحسن الصبر والسلوان، فالعزاء فيهم وبهم ولهم، ونسأل الله أن يبارك لنا فيهم وأن يعوضنا خيراً بوجودهم بين ظهرانينا ولاة هداة وقادة وأنواراً في طريق الأمة كلها وليس شعب المملكة وأبناؤهم فيها فحسب، والأمة كلها تشهد أنهم ما توانوا وما وهنوا وما استكانوا في نصرة الأمة قويها وضعيفها، قريبها وبعيدها وأنهم كانوا ومازالوا حداة الحق والخير للأمة جمعاء. وعزاؤنا لكل أهل المملكة وأبناء هذا الشعب ونسأل الله أن يثيبهم الخير في مصابهم الجلل وفقدهم الكبير فلا يخلو بيت ولا حي ولا منطقة إلا وفيها بصمة سلطان الخير وخلاصة أعماله ونتاج أفضاله التي هي من نعم الله علينا أن يكون فينا ولاة أمر بهذه الصفات والسمات نحبهم ويحبوننا وأبلغ ما يذكر في هذا المقام أبيات تقول: سقاك الغيث إنك كنت غيثاً ويسراً حين يلتمس اليسار أبت عيناي بعدك أن تكفا كأن غضا القتاد لها شفار ولعل لسان حال كل أبناء المملكة الآن هو هذا القول لعله يخفف عنهم، ويذهب بعض ما يحسون به من لوعة فراق ومرارة فقد. ولسنا بخير المعزين ولا بأكثر الملتاعين ولكن كل بما تجود به ألسنة الصدق في نفسه وتعترف به جوارحه من مآثر وصفات عاشت بيننا وعشنا بين يديها فلمسنا منها كل الخير، ونسأل الله أن نلتمس في أنفسنا بعضا من كثير ألم يصاحبه رضا تام بقضاء الله وقناعة تامة في أن الله هيأ لنا في أبناء الملك عبدالعزيز من هو مواسٍ لنا، ونسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يجعلها آخر أحزاننا، وبلدنا بفضل الله تعالى ثم بفضل ولاة أمرنا تتقدم كل يوم من مرتبة إلى مرتبة وترتقي من مصاف إلى مصاف في طريق الازدهار والرفعة والتطور، ونسأل الله أن يثبت قلوبنا وأن ينعم عليها بالصبر وحسن العزاء (إنا لله وإنا إليه راجعون). *المحامي والمستشار الرياض