غالبية الناس لايزالون يخلطون بين الميزانية الفعلية للدولة والميزانية التقديرية , فالميزانية التي تٌنشر في الصحف ويقوم الخبراء بتحليلها وقراءتها وإلقاء الضوء على بنودها إنما هي في الأصل ميزانية تقديرية لما تتوقعه وزارة المالية من إيرادات خلال العام القادم , وما تقرره من مخصصات للجهات المعنية خلال السنة المالية القادمة. ومن النادر جداً تحقيق التوازن التام بين التقديرات المتوقعة والمصروفات الفعلية , فمنذ أكثر من 40سنة لم يتحقق التوازن الفعلي في الميزانية فإما يكون هناك فائض [+] أو عجز [-]. وهذا الوضع يحدث دائماً لان التقديرات تعتمد على أسعار البترول سواء بالارتفاع أو الانخفاض عن الرقم المتوقع ,وهذه هي ضريبة البلدان النفطية والمعتمدة على مصدر واحد من مصادر الدخل , ومن الملاحظ تحقيق الميزانية الفعلية لفوائض مالية متتالية منذ العام 2003م وحتى ألان باستثناء عام 2009م حيث كان العجز حوالي 8,6مليار ريال . لقد جاءت ميزانية هذا العام بدون مفاجآت فقد زادت المصروفات المتوقعة بمقدار 110مليار عن تقديرات العام الماضي لكنها تقل عن المصروفات الفعلية للعام الماضي بحوالي 105مليار حيث أن المصروفات للعام 2011م وصلت إلى 804مليار ريال بزيادة مقدارها 224مليار ريال عما كان مقدراً لها في ميزانية العام الماضي بنسبة 39%. ارتفاع أسعار البترول المخالفة للتوقعات دفع الحكومة لزيادة الإنفاق بمعنى أن الرقم سيتجاوز 800مليار ريال وليس 690مليار كما هو متوقع له في الميزانية ,الميزانية ذكرت انه تم تخصيص مبلغ 250 مليار ريال لتمويل بناء 500الف وحدة سكنية وليس متوقعاً أن يتم صرف كل المبلغ دفعة واحدة بل قد يستغرق الأمر خمس سنوات أي 50مليار ريال لكل سنة. الإيرادات الفعلية لعام 2011م تجاوزت التوقعات بسبب التحفظ الشديد الذي تتبعه وزارة المالية في تقدير أسعار البترول المتذبذب دائماً وذلك من باب الحيطة ومن الحكمة أن تنتهز وزارة المالية فرصة السنوات السمان لبناء احتياطي نقدي للسنوات العجاف؟ ذكرت الميزانية أن إيرادات الدولة من المصادر الأخرى غير البترولية لم يتجاوز 78 مليار ريال وهذا يدل على أن سياسة تنويع مصادر الدخل الأخرى غير البترولية لم تحقق النجاح المطلوب خلال 40سنة الماضية لأسباب نتمنى أن تٌكشف وتحل فالمستقبل مليء بالمفاجآت. لم توضح الميزانية المصادر التي حققت تلك الإيرادات مثل مصلحة الجمارك أو شركة سابك أو بقية الشركات والبنوك التي تمتلك بها الحكومة نسب معينة أو تمتلكها بالكامل , وتقول بعض المصادر أن ماحققته بعض الرسوم الحكومية قد تجاوز مليار ريال. ذكرت الميزانية أن الإيرادات الفعلية في نهاية العام المالي الحالي 2011م سوف تصل إلى 1,110 مليار ريال منها 93% إيرادات بترولية أي 1,032 مليار ريال أي مايعادل 275,3 مليار دولار أي أكثر من ضعف ما كان متوقعاً في ميزانية العام الماضي. كنت أتمنى أن تظهر الميزانية إيضاحات لكل بنود الإيرادات والمصروفات حتى يتسنى للجميع قراءتها وتحليلها وإبداء الرأي حولها حتى يسهم الجميع في ارتفاع معدلات النمو للاقتصاد الوطني. أسال الله أن يصلح الحال والى الله المشتكى...