اختطف عدد من الكتاب جزءاً من إجابات معالي وزير المياه والكهرباء المهندس عبدالله الحصين بعد لقائه مع أعضاء مجلس الشورى وحولوها إلى قضية , عندما قال الوزير : (إن البعض يريدون أن تكون الكهرباء مجانا). في حين أن القضية أو القضايا الأهم التي كان يتوجب – بنظري – أن يناقشها أولئك بعمق وموضوعية هي معضلة شبكة المياه المهترئة , وضبابية الرؤية الإستراتيجية للمستقبل المائي في المملكة , ومشاكل الصرف الصحي التراكمية ب (الكوم) , وتصاعد الفاقد المائي من الشبكات العامة .... الخ. وثمة نقطة لافتة في حديث الوزير (الصريح) الحصين عندما عقد مقارنة بين إيرادات الكهرباء والهاتف , ربما في (فرشة) ذكية منه لكي يستثمرها الإعلام بحثا ومطالبة وتحليلا وهي (أن إيرادات الكهرباء سنويا 28 مليار ريال ، وإيراد المياه يقدر بمليار ونصف ، فيما إيراد فواتير الجوال تقدر ب 70 مليارا) فمن الذي بادر بالتقاط هذا (الملمح) وبنى عليه. فواتير الجوال لا يمكن بحال تصورها وهي بهذا الحشد المهول من المبالغة في الاستحقاق مقابل قيمة تشغيل غير مكلفة كثيرا , وأيضا مقابل خدمات زهيدة وب (بالقطارة) ومع ذلك فهي تقصم الظهر , ولا يصح عقلا ولا نقلا أن تظل بهذه التسعيرة العالية جدا. نحن ندفع للجوال أربعة أضعاف ما ندفعه للكهرباء تقريبا , وأيضا لخدمة الانترنت المتواضعة وللهاتف الثابت , ندفعها من قوتنا ومن جيوبنا - الفقير منا والغني - فلماذا تكون حلالا زلالا رغم ضخامتها على الجوال وأخواته , وغير مبررة إطلاقا رغم تناقصها - بالمقارنة – مع الكهرباء. في خدمات الهاتف بكل فروعه فل أن تجد مشتركا راض حتى عن آليات استقبال البلاغات عندما تجد من (يلطعك) طويلا بدون فائدة , ومن يقدم لك خدمة ضعيفة بعد عناء ومكابدة , بينما في الدول المتقدمة بمجرد تقديم المشترك للبلاغ تحضر لبيته فرقة الخدمة في خمس دقائق ويمنحونه خدمات فائقة. نعم هناك حاجة إلى مراجعة تسعيرة الكهرباء للفئة الشعبية - إذا صحت العبارة - مع تجويد آليات قراءة العدادات , وتبديل المحطات التي تجاوزت العمر الافتراضي , ولكن كما قلت إن هموم الوطن والمواطن مع هذه الوزارة تتصدره معضلة الصرف الصحي وتوفير الأمن المائي في بلد يعاني من شح المياه ويكاد يكون الأكبر عالميا اعتمادا على محطات التحلية , وكذلك قضية معالجة مياه الصرف الصحي , وتوسيع استخداماتها كدورة ثابتة , وصناعة ثقافة ترشيدية عامة , والإفادة من كل قطرة مياه بالسدود التي مازال عددها اقل من المطلوب.