كنت أتوقع أن تتصدر أخبار جامعة الباحة الصفحات الأولى من الصحف الورقية أو الإلكترونية في الجوانب التي تزيد من اطمئنان أهالي الباحة وغيرهم ممن يستفيدون من وجودها ، بوصفها منارة علمية وثقافية وفكرية وأكاديمية ، تسهم في الارتقاء بالمجتمع فكراً وسلوكاً وثقافة وعلماً وأدباً ، إلا أنني فوجئت بما يخيب الآمال ؛ إذ أصدرت الجامعة قراراً بفصل طالب ؛ كونه أوقف سيارته خلف مركبة أحد كبار المسؤولين في الجامعة!! صحيح أن هذا سلوك غير حضاري من الطالب ، إلا أن العقوبة تجاوزت حدودها ؛ فلم تكتفِ بالتوبيخ ، الذي ناله الطالب من الموظف ، بل حيكت ضده الدسائس ؛ حيث لوت اللجنة التأديبية عنق القضية ؛ لتصدر قراراً تنشره عبر ردهات الجامعة بفصل الطالب وطرده من الجامعة تأديباً له ، وترهيباً لغيره ، حتى لو اضطر هذا الطالب لوضع سيارته في مكان قصي ، لا تقترب أبداً من سيارة هذا الموظف أو غيره من مسؤولي الجامعة. هذا القرار التعسفي ، الذي يخلو من صفة الرحمة ، لم يمر مرور الكرام ؛ إذ إن هناك منافذ آمنة ، سواء في إمارة المنطقة أو ديوان المظالم. إلا أن الحيرة التي انتابت الكثيرين هي أن الجامعة ما زالت في مراحلها الأولى ؛ ما دفع الأهالي إلى ترديد عبارة (من أولتها يا جامعة الباحة).. لماذا يُدفَع هذا الطالب المسكين إلى ديوان المظالم أو غيره من الإدارات التي تعيد الحق إلى أهله؟ ولا أدري أيضاً هل هناك بين ثنايا النظام في الجامعة ما يبيح مثل هذه القرارات ؛ ليحيل الطالب في لمحة بصر دونما رحمة إلى الطرد غير آبه بمستقبله وخسارة الوطن شاباً يُستفاد منه في قادم الأيام في أي موقع للبناء على مساحة وطننا الغالي ، ولسبب أستطيع القول إنه تافه ، ولا يتوازن أبداً مع حجم العقاب القاسي جدًّا؟.. وهكذا اللجنة ، صاغت الإعلان ، وطبعته ، ووزعته في ردهات الجامعة ؛ ليقرأ هذا الطالب ، ويدرك قوة وسلطة الجامعة ولجنتها التأديبية! أما الجوانب المخيبة أيضاً فهي ما تناولته بعض المواقع الإلكترونية عن المباني الحديثة للجامعة ، التي أنشأتها على طريق المطار ، وما كشفته الأمطار من سوء في التنفيذ ، وضَعْف في المتابعة ؛ ليقفز السؤال من حشاشة الضمير : ما مستوى الشركة المنفِّذة ، وقدرتها على تنفيذ مشروع ضخم كمباني الجامعة؟ وما الإدارة المعنية بالدرجة الأولى والمسؤولة عن توقيع العقود والمتابعة والمحاسبة والاستلام؟ وهل هذا يُعقل أن يحدث؟ و(من أولتها)؟!.. ننتظر من جامعة الباحة أن ترتقي إلى مراتب عليا ، وهذا طموح كل فرد من الأهالي ، ونأمل أن تسمو في المنافسة مع الجامعات السعودية والعربية ؛ لتكون ندًّا لها ؛ إذ لا مكان للتقاعس عن مواكبة المستجدات في كل أصناف العلوم والمعرفة ، وخصوصاً أن الدولة منحت جامعة الباحة كغيرها من الجامعات السعودية ميزانية ضخمة ، تؤهلها لأن تكون في مصاف الجامعات العالمية. هذا هو الحلم الذي يراود سكان الباحة والمجاورين لها ، وهو ليس ببعيد ، إذا اتخذت إدارة الجامعة المسار الذي ينبغي. ولكي أكون منصفاً ، يجب النظر إلى النصف المليء من الكأس ؛ فهذه (الوخزات) الموجعة لا تُقلل من كونها حققت شيئاً من رضا المجتمع فيما يتعلق بفتح المجال للكثيرين الحصول على درجة الماجستير ؛ فهذه خطوة إيجابية ابتدرتها الجامعة في وقت قصير ، وننتظر خطوات أخرى. ليعذرني أصدقائي في جامعة الباحة (وهم كُثُر) ؛ فالجامعة لم تتأسس إلا من أجل الطالب ؛ إذ سخَّرت الدولة له كل الإمكانات ؛ لذا من الضروري بمكان التأني في إصدار القرارات ، خاصة التي تُلحق الضرر بالطالب ، وأهمية مراجعتها ؛ لكي تكون الجامعة معه ، وليس ضده. ----------------------- عضو المجلس العالمي للصحافة