لقد كان لملتقى حقوق المرأة السعودية مالها وماعليها الذي نظمه مركز باحثات لدراسات المرأة اهتمام كبير وحضور مميز من الجانبين النسائي والرجالي ، والتفاعل الإعلامي قويا خلال انعقاد الملتقى وطرح فعالياته الحقوقية المتنوعة بالشراكة بين القاعتين ؛ مما تسبب في رفع مؤشر التذمر والغضب لدى النساء لمشاركة المختصين من الرجال في طرح أوراق عمل خلال ملتقى نسائي يهم الشريحة العظمى منهن في المجال الحقوقي. والذي لفت نظري خلال يومي الملتقى الكثير من المداخلات المتباينة ما بين رفض وصاية الرجل في التعليم والوظيفة ورفض شريحة أخرى من النساء لهذا المطلب واعتباره مطلبا غير شرعي. ومابين المطالبة بالصبر والاحتساب على هضم الرجل لحقوق المرأة تحسباً لنظرة المجتمع بعدما تتجه المرأة المظلومة للمحاكم شاكية زوجها أو أخاها أو أباها ، ثم الشريحة الأكثر المطالبة بوثيقة تتضمن حقوق المرأة بأنواعها ، وحث الجهات الحقوقية بتكثيف جهودها في التثقيف والتوعية المجتمعية لشرائح النساء المختلفة ؛ فالتوصيات التي قدمها الملتقى بعد هذا الحضور النسائي المميز لن تجدي نفعاً إذا ما تم تفعيلها من خلال وثيقة تفاهم مع وزارة العدل المعنية بالمحاكم وما يدور في قاعاتها تجاه القضايا الأسرية والتي نؤكد باستمرار أن المعاناة التي تواجهها النساء المظلومات والمطلقات ، والمهضومات في حقوقهن ، وأمهات أطفال النزاع الأسري لن تتوقف وتتقلص مساحة آلامها إلا بوجود المحاكم الأسرية المختصة بقضاياهن. حيث تضمنت التوصيات مجموعة من الحقوق التي لن تتحق من خلال محاكمنا الحالية التي يعاني فيها القضاة من الضغط الشديد للقضايا. وقد لا تحتل القضايا الأسرية فيها الأولوية من حيث المتابعة وسرعة البت في أحكامها الشرعية ؛ وللأسف الشديد لم يبدأ التحرك القضائي يشتد تجاه القضايا الأسرية إلا بعدما راح ضحية العنف الأسري بعض الأطفال الأبرياء نتيجة التعذيب الذي يلاقونه من زوجات الأب ، أو من آباء مدمنين أو مرضى نفسيين ؛ فهذا التحرك أيضاً كان لوزارة الشؤون الاجتماعية دور كبير في ظهوره من خلال أخصائيات الحماية الاجتماعية اللاتي يرفعن التقارير الاجتماعية والنفسية للقضاة من أجل رفع الضرر عن هؤلاء المعنفين سواء من النساء أو الأطفال ، وذلك بعد متابعتهم مباشرة ، ولله الحمد كسبوا الكثير من القضايا لصالح المتضرر وأخذ المسيء جزاءه الشرعي بعد توصياتهم في إحالته للتحقيق وإقرار العقوبة المناسبة لفعلته المشينة بحق أهل بيته. مما يشير بأن الخلل ليس في أداء قضاتنا بقدر ما هو خلل في البيئة المهنية للمحاكم التي تحتاج من وزارة العدل الكثير من التطوير وأن الوضع الحالي لا يحتمل التأجيل والتنظير ؛ لأن الواقع الفعلي للمحاكم لا يخدم القضايا الأسرية بالدرجة الأولى ، لذلك تتطور من قضية أسرية إلى أخلاقية أو جنائية بعدما تظل صاحبة الشكوى أسيرة للإجراءات الروتينية التي تسيء لها بدلاً من إعطئها حقها الشرعي في حياة كريمة. والرسالة الهامة بعد هذا الملتقى وغيره من الملتقيات التي تطالب بحماية حقوق النساء هي (إذا لم تتفاعل وزارة العدل مع أهم مطلب لإقرار تلك الحقوق وهي إنشاء المحاكم أو المكاتب الأسرية ، فإن الجهود ضائعة وشعارات التنظير ترفرف عالياً) فالمطلوب أن تختفي جملة (ياشيخ وين حقي)؟ وتحل مكانها (أن حقوقي محفوظة في وطن خادم الحرمين الشريفين).