«المرأة السعودية ما لها وما عليها» ملتقى مجتمعي يلقي الضوء على حقوق المرأة في الشريعة الإسلامية، وتطبيقات ذلك في الأنظمة الخاصة بالمرأة في المملكة العربية السعودية، ومقارنة ذلك بواقعها المعاش، واقتراح حلول شرعية.. عملية.. نظامية.. لحصولها على حقوقها، وفق آليات سهلة ميسّرة قابلة للتطبيق على أرض الواقع.. كانت هذه المقدمة فكرة عرس ثقافي شهدته العاصمة الرياض في يومي السبت والأحد 15-16-1-1433ه الموافق 10-11/12/ 2011 تحت رعاية كريمة من الأميرة صيتة بنت عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، وبمشاركة نخبة متنوعة من العلماء والقضاة والمحامين والمثقفين والمثقفات من جميع مناطق المملكة العربية السعودية. ما يلفت النظر في هذا الملتقى الثقافي والفكري تنوع الأطروحات ما بين الحق الشرعي والقضائي والقانوني والاجتماعي والاقتصادي، تقاسمت المرأة والرجل الطرح والمناقشة، والعجيب فيه الحضور النسائي الكثيف في أيامه، حتى إن الكثيرات لم يجدن مقاعد في القاعتين، واضطررنا إلى الوقوف للاستمتاع بالطرح، مما يؤكد فاعلية المرأة السعودية وإيجابيتها. ناقش الملتقى كثيراً من قضايانا، لعل من أبرز ما طرح: الإلحاح على إصدار وثيقة تتضمن حقوق المرأة السعودية الشرعية والنظامية، وتتوافق مع دستور المملكة العربية السعودية ونظامها الأساسي في الحكم؛ لتكون مرجعاً في عموم قضايا المرأة، ولئلا تغدو قضاياها كلأ مستباحاً يقتات عليه كل أحد، وليسهل عليها وعلى غيرها الرجوع إليها. كما أوصى الملتقى بتدوين الجهات الشرعية للأحكام القضائية، المتعلقة بحقوق المرأة والأسرة بلغة يفهمها الجميع، تبتعد عن التخصص ولغة النخبوية، وتقر من قبل السلطة التنظيمية في الدولة، يراجعها القاضي قبل بته في الحكم، وتستند إليها المرأة عند رفع قضيتها. طرحت أوراق العمل في الملتقى الظلم الذي تعانيه المرأة في قسمة التركة، حتى إن أحد المحامين أشار إلى أن تركة ميت حبست لمدة 45 عاماً، وأن الأقوياء من الورثة يستولون على أموال الضعفاء لقلة الذمم والدين، وكمقترح طرح أن تتولى المحكمة حصر التركة وتوزيع الإرث في مدة زمنية معيّنة، وألا يوكل لأحد من الورثة، درءاً للمفاسد وإيصالاً للحق. وضع الملتقى يده على معاناة المرأة خصوصاً والمجتمع عموماً من تأخر البت في القضايا في أروقة المحاكم، وأن سنين عمر المرأة تمر وتتجاوز الأربعين وقد رفعت قضيتها وهي أم ثلاثين ونيفاً لتحصل على ورقة طلاقها من مدمن زكاه إمام مسجد صلى معه فرضين، وأن تجزئة قضايا تصب في قضية واحدة يتعب المرأة التي كفل لها الإسلام مزيداً من الرعاية والراحة، لأنها إذا رفعت قضية فسخ وحضانة ومطالبة بنفقة، جزئت القضية إلى ثلاث قضايا، وأحيلت على قضاة مختلفين، وجلسات متفرقة، وذهبت حياة المرأة في المحاكم علها تحصل على حقها، مما يؤكد ضرورة المسارعة في سنّ الاجراءات المناسبة والآليات الفاعلة، التي تضمن سرعة حصول المرأة على حقوقها الشرعية والنظامية، وتسد الفجوة بين الأنظمة وتنفيذها، والمسارعة في فتح محاكم أسرية، وأقسام نسائية في المحاكم الشرعية. كان للمرأة المطلقة والأرملة نصيب كبير في أوراق الملتقى، حتى إن بعض المداخلات طالبت بتجميد أموال المطلق وراتبه إذا حبس نفقة أولاده، وأن على وزارة العدل سن قانون يقضي باقتطاع مبلغ شهري يدخل حساب المرأة من دون أن تلجأ إلى تسوّل حقها الذي منحها إياه الشرع. تقاعد المرأة مسألة أرَّقت المشاركين الذين طالبوا بخفض سن التقاعد للنساء، والنظر في إيقاف معاشها التقاعدي الذي هو من حق الورثة بعدها إذا توفي الوالدان، كما حضرت المطالبة بالمنهج الحقوقي سواء كان مقرراً مستقلا أو مبحثاً في إحدى المواد الدراسية تتعلم الفتاة فيه حقوقها الشرعية والنظامية. أطروحات كثيرة استمتعت بها الحاضرات في قاعة الملك فيصل، لكن هذه الفرحة لن تكتمل إلا بالتنعم بها حقيقة تُعاش لا توصيات تردد من دون تدخل خارجي، لأنه انتهاك لسيادة دولة وتطفل على ثقافة مجتمع. * داعية، وأكاديمية سعودية. [email protected]