خلال الثلاث السنوات الاخيرة كتبت هنا اكثر من (20) مقالاً حول حال صحة جدة اذكر هنا من عناوينها ( \مستشفيات جدة على هذا الشاكلة وأدهى) و (صحة جدة والإشكالات الإدارية) و (صحة جدة الى أين) و (صحة جدة وماذا بعد) وذلك حول الأطروحات الإعلامية المواكبة والمتتالية حول مشاكل وإشكالات المرافق الصحية بجدة وبشكل اصبح عاماً، وقلت يومها إننا نحاول قدر الإمكان أن لانكتب في إطار المقالة عن إنطباعات مزاجية أو ردة فعل عاطفية لذلك تنوعت مقالاتنا بين الإشادة تارة والنقد تارة ، إشادة من غير تطبيل ونقد من غير قسوة نعكس على الحالة ما تعلمناه وما اكتسبناه من خبرات في مجالات متنوعة سواء على الممارسة العملية أو العلمية او المعايشة الفعلية ولا نكتب حتى نتحرى المصداقية الكفيلة بإخراج مقالة تخدم الصالح العام لاننظر للأشخاص فهم متحركون. ولكن تبقى المعطيات التي يجب أن تكون جيدة لتتوارثها الأجيال عطاء أو استفادة ، وتناولنا يومها حادثة مأساوية لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة وذلك ممثلة في وفاة طبيب الأسنان السعودي الدكتور طارق الجهني في أحد المستشفيات الخاصة بجدة بعد خضوعه لعملية ربط (تدبيس) وكذلك المضاعفات التي حدثت لطفلة بعد دخولها قسم العمليات بنفس المستشفى ثم ارتكاب نفس المستشفى أخطاء جسيمة وقاتلة تدعونا إلى التفكير الجيد حول وضع مستشفياتنا سواء الحكومية أو الخاصة وسبق أن تناولنا ذلك مراراً وتكراراً لكن لغياب الاهتمام بما يطرح جعل الأوضاع تتردى من سيئ إلى أسوأ وربما لو لم يكن الضحية هنا طبيباً مشهوراً يعمل بقطاع صحي هام لأصبح الأمر عادياً ويندرج تحت بند الأخطاء الطبية في حدود المسموح. وذكرنا حينها أنه لا زال معظم مستشفيات جدة الخاصة تعمل خارج السرب معظم المنشآت غير ملائمة، مبانٍ يتم ربطها ببعض مما شكل خطورة معظم الأطباء خارج كفالات تلك المنشآت الفترة المسائية تعج بالأطباء والفنيين المخالفين للنظام سواء من نظام الإقامة أو مخالفة أنظم ولوائح هيئة التخصصات. وعن سلبيات القطاع الخاص حدث ولا حرج أما القطاع الحكومي فالحديث يطول ، فمشاكل مستشفى الأمل طبياً وإدارياً تعج بها الصحف ، مستشفى العيون وشكاوى الأطباء أيضا كما هو الحال بمستشفى النساء والولادة بالعزيزية وهو الحال بمستشفى الملك سعود بل امتد الحال ليشمل الهيئة الطبية والقائمة تطول، كل هذه المشاكل ظهرت دفعة واحدة لتعطي مؤشراً خطيراً وأن مانحذر منه قد وقع لذلك فلا غرابة أن تنعدم الثقة ولا أدل على ذلك كما اشرت في احدى تلك المقالات من ان لقاء مفتوحاً عقده مدير الشؤون الصحية بجدة وجهت فيه الدعوة كما قيل حينها للمجلس البلدي ورجال الإعلام لم يحضره سوى نواب المدير وموظفية ، وقد أشرت يومها الى تألمي حينما انبرى مدير الشؤون الصحية ليبريء الأخطاء الطبية بما هو أكبر خطأ حيث أصر سعادته وكما ورد بالصحف على أن الأخطاء الطبية (ليست من الظواهر في صحة جدة) ، رافضاً تحميل الأطباء مسؤولية الأخطاء وحدهم (كون العملية تشهد مشاركة مساعدين للطبيب قد يتسبب أحدهم في حدوث خطأ طبي). لا أعلم كيف فصل سعادته بين الطبيب ومجموعة العمل، ثم استشهد بالأخطاء الطبية في أمريكا وأوربا دون أن يدرك سعادته أن الأخطاء عندنا لم تكن خطأ طبيبا عن اجتهاد بل إن معظمها أخطاء إدارية أدت إلى الأخطاء الطبية كتشغيل أطباء بدون تراخيص أو غير حاصلين على إجازة هيئة التخصصات الطبية ، اتمنى أن لاتكون الطموحات قد توقفت مما يعني أن الأمور تسير بالبركة ، لدرجة أننا نبرر الأخطاء بالاستشهاد إنشائيا بوجود أخطاء في العالم. إنه واقع مؤلم ومحير وترك الأمور في مسارها الخاطيء حتماً سيؤدي إلى كوارث لايعلم مدى ضررها إلا الله ، ونتيجة الاقتناع بتلك المبررات الواهية شهد الاسبوع الماضي طامة كبرى إذا اعلن عن وفاة سيدتين بأخطاء طبية بأحد مستشفيات جدة الحكومية وهروب المشاركين في العمليات لذلك ماذا تبقى من أخطاء حتى نسمع بمحاسبة جادة وتغيير شامل؟!. سؤال نكرره دون أن نعتقد أن هنالك جواباً هذا وبالله التوفيق.