العقل العربي .. لم يكن يدرك .. إلا أسماء الأسلحة .. تفد عنوة .. إلى مناطقه العربية .. تعلّم أسماء الصواريخ .. والطائرات .. والقنابل .. وعرَف معاني الفيتو الأمريكي .. حتى فشق الرصاص .. أصبح لهم به خبرة .. هكذا .. مع كل فاشق يوم .. نسمع اسماً جديداً .. يدخل قاموس العقل العربي .. بجانب الأسلحة وضواحيها .. أصبح هناك حزم الأوبئة .. والأمراض .. والحشرات .. من يدفع الثمن؟!.. ليس فقط الإنسان العربي .. ولكن الأرض .. والسماء .. والنبات العربي الأصيل .. ضحية هو الآخر .. وهذا النّخل .. يعتلي المناطق الصحراوية في كبرياء .. كأصحابه .. وشركائه في الأرض .. هناك أيضاً من ينخر جذعه. ** اسم جديد .. (توتا ابسلوتا) .. صبيّة متعددة الجنسيات .. نافرة الروح والجسد .. وصلت قبل شهور معدودات .. إلى أرض المملكة .. باحثة عن وطن جديد .. ستنجح كغيرها في الاستيطان .. دخلت بدون (احم) .. أو (دستور) .. أضافتها منظمة وقاية النّبات الأوروبية .. عام (2004) .. إلى قائمة الحشرات الخطيرة .. وكان موطنها الأصلي أمريكا الوسطى .. انتقلت وانتشرت في أمريكا الجنوبية .. أصبحت احد رموز التخريب والإرهاب (الحشري) .. في (بوليفيا) .. و(البرازيل) .. (والإكوادور) .. و(فنزويلا) .. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد .. لكنها وصلت إلى (اسبانيا) عام (2006) .. ثم واصلت الزحف في غزوٍ .. أشبه بالغزو الصليبي على العالم العربي .. وصلت إلى (الجزائر) عام (2008م).. وفي نفس العام تمدّد انتشارها ليشمل (ايطاليا) .. وفي عام (2009م) وصلت إلى (فرنسا) .. و(تونس) العربية .. وأخيراً وصلت إلى المملكة .. وغطت مناطق .. منها الاحساء. ** وهكذا .. أصبح بجانب السوسة الحمراء .. حشرة أخرى خطيرة هي (توتا ابسلوتا) .. أصبحت عربية .. بوجه حنطي .. أصبحت في دائرة (شُمّ الأنوف من الطراز الأول) .. أصبحت تفاخر بأبيات الشعر العربية .. أصبحت تردد .. (بأنّا نورد الرايات بيضا .. ونصدرهن حمرا قد روينا) .. أصبحت تغنّي سامري .. وتمارس العرضة .. وربما تصبح لها قناة شعبية في المستقبل القريب .. وقد ترون أجيالاً جديدة .. من (توتا ابسلوتا) .. تشارك في فعاليات سوق عكاظ .. وتمارس لعب (الجولف) في المتنزهات العربية .. وقد يصبح لها نوافير وبحيرات ومسابح لتبخير المياه .. وزراعات عشوائية .. لزيادة مساحة سعادتها في ربوع البلاد .. يمكن أن يكون لها مدارس محنّطة .. وشركات تكافح بشكل لا ينتهي من بث السموم. ** سعادة الدكتور عبد العزيز بن محمد العجلان .. عالم الحشرات في كلية العلوم الزراعية والأغذية .. جامعة الملك فيصل .. الهفوف .. تنبّه مبكراً لخطورة هذه الحشرة .. ورفع صوته محذراً .. بقدوم (توتا ابسلوتا) .. في خطاب وتقرير سجّله .. إلى المسئولين في الجامعة .. وضّح ما يلي : (بدأت في السنوات الست الماضية بالانتشار في أوروبا .. وفي السنتين الماضيتين بدأت بالانتشار في شمال أفريقيا).. وفي خطابه صرخة تقول : (آمل تنويه وزارة الزراعة .. إلى هذه الآفة .. لأخذ الإجراءات .. لمنع دخولها المملكة .. وتقبلوا أطيب تحياتي). ** تقبلت الجامعة التحيات .. بصدر رحب .. وأرسلت خطاباً إلى سعادة وكيل وزارة الزراعة لشؤون الزراعة .. (بالاطلاع .. وإكمال ما يلزم .. حيال هذه الآفة .. لأخذ الإجراءات اللازمة .. لمنع دخولها المملكة .. وتقبلوا خالص تحياتي وتقديري).. ويبدو أن خالص التحيات والتقدير لم يتم تفعيله في وزارة الزراعة .. كالعادة .. تم تجاهل الطلب .. بجانب تجاهل طلب الكلّية السّابق .. حول سوسة النخيل الحمراء .. هكذا دخلت هذه الآفة بكل حرية إلى ارض الوطن .. وكأن الوطن خالٍ من جهات مسئولة عن مثل (هيك شغلة). ** ماذا سيجري؟!.. الصورة واضحة أمام الجميع.. يقول المثل: (أعط القوس باريها) .. هناك علماء يتم تجاهلهم في الجامعات السعودية .. هناك عقول علمية حريصة وغيورة ومتابعة .. يتم تجاهلها .. وتجاهل تحذيراتهم .. وتجاهل الاستفادة من خبراتهم .. حتى بعد انتشار مثل هذه الحشرة الخطيرة .. هناك طرق لمحاربتها .. لا يتقنها إلا العلماء والمختصون .. ومع ذلك .. (شويّة عمال .. على شويّة سيارات .. على شويّة مبيدات .. وهات يا رش) .. بشكل عشوائي مضر .. مضر .. مضر .. نرجو الله السلامة من هذه العقول الحشرية المتصدعة .. التي تحتاج هي الأخرى .. إلى مقاومة .. ونحتاج كبشر إلى وقاية من شرها. ** حشرة (توتا ابسلوتا) .. عبارة عن فراشة بطول (7) ملم .. بنّية أو فضية .. مع بقع سوداء على أجنحتها الضيقة .. تضع البيض على النبات .. ثم تتخلق اليرقة .. تعمل أنفاقاً في الأوراق والثمار .. هكذا تنتشر مع استيراد الثمار الموبوءة. ** باسم الجميع أرحّب بالحشرة الجديدة (توتا ابسلوتا) .. البيت بيتها .. ونشكر وزارة الزراعة على زيادة معارفنا بالحشرات .. وعلى رأسها سوسة النخيل الحمراء .. (دقّي يا مزيكا .. سلام (للمطنّشين) .. سلام لرموز الإهمال والتجاهل .. سلام للدكتور العجلان .. سلام للضحايا .. سلام (ليّه وليك) .. رقَّصني يا جدع).