تبدأ قريباً عملية الانتخاب لعضوية المجالس البلدية في كافة مناطق المملكة العربية السعودية , بعد مرحلة دامت ست سنوات وهي أي (السنوات الست) كفيلة بإنضاج التجربة ليقدم الناخب صوته لمن يستحق ... على اعتبار أن عضو المجلس البلدي في حالة انتخابه ستكون مسؤوليته جسيمة , أولها ضرورة امتلاكه رؤية واعية لما تحتاجه المدينة أو المحافظة من مشروعات وخدمات , فضلاً عن مزاياها الزراعية أو السياحية أو الصناعية , وقدرته على المشاركة في التخطيط السليم قريب أوبعيد المدى , والأساليب والإجراءات التي عن طريقها يمكن استثمار تلك المزايا ، فالرؤية ليست محدودة برصف أو إعادة زفلتة طريق أو نصب عمود كهرباء وغيرها من الخدمات التي تقوم بها أجهزة البلدية وتنفذها باعتبار تلك الأشياء من صميم عملها ومُدرج ضمن أولوياتها ... عضو المجلس البلدي في ظني ليس دوره فقط في التفصيلات الصغيرة جداً ، بل من الضرورة أن تكون رؤيته واسعة, ومن زوايا متعددة ليقدم خدمة فعلية , آنية ومستقبلية. المشكلة الأبرز في العمليات الانتخابية الحالية أن الناخب يمتلك صوتاً واحداً فقط , هذا الصوت يُعتبر مسؤولية عظيمة جداً .. وهنا يحدث التفاوت بين المجتمعات بحسب ثقافة الناخبين فمن الضرورة أن تُمنح لمن يستحق والابتعاد عن العواطف ، لأن العواطف لا تبني مجداً, ولا تؤسس مجتمعاً مدنياً وحضارياً. وفي المجتمعات القروية تزداد المشكلة أكثر إذ أن هناك ثمة إرهاصات تدور بأن أبناء الحي يرشحون واحداً منهم بصرف النظر عن كفاءته ووعيه وقدرته على خدمة منطقته. وبالتالي لو حدث شيء من هذا فستكون النتائج لا تخدم الغرض الأساس , والهدف النبيل الذي من أجله أسست المجالس البلدية ونُظمت عمليات الانتخابات .. ومن وجهة نظري أن تسبق آلية الانتخاب حملة إعلامية واعية من أجل الابتعاد عن القبلية المقيتة والقروية المحدودة, لأن التطوير والبناء لا يتحقق بمثل هذه النظرة الضيقة جداً , وبما أن المملكة العربية السعودية تشهد تناميا سريعا في كافة الجوانب , وبما أن الأنظمة أفسحت المجال للمواطنين للمشاركة في صناعة القرار بما يخدم ويزيد من التطور اتمنى أن تبادر وزارة الشؤون البلدية والقروية بالتعديل من صوت واحد يمتلكه الناخب ليمتلك ثلاثة أصوات منعا من حدوث تضييق في الاختيار, وتغليب العاطفة , على حساب المصلحة العامة , نتمنى أن تتسع الفرصة بأن يحق للناخب التصويت بأكثر من صوت كي نتجاوز مشكلة محسوسة لدى الكثيرين , وحتى يرتفع مؤشر نجاح أداء عمل المجالس البلدية , بأمل أن تكون المرحلة الثانية أكثر نجاحا وتحقيقا للأهداف التي من أجلها وُضعت التنظيمات للمجالس البلدية.