لقي شابان مصرعهما في الرياض قبل يومين ، وذلك عقب قيامهما باستعراض مميت أمام المتجمهرين ، وهذا حدث طبيعي مهين ؛ فالموت هو النهاية المتوقعة لكل مفحط ومتهور ، وقد توفى قبلهما عدد كبير لا يحصى من المفحطين ؛ والذين قرأنا وسمعنا عن نهاياتهم وحوادثهم المأساوية ، ولعل من أراد التعرف على ضحايا التفحيطٍ في بلادنا ، أن يشاهد بعضاً من أفلام الفيديو المسجلةٍ من شوارعنا ، والموجودة على موقع اليوتيوب ، نسأل الله تعالى لنا ولهم الرحمة والمغفرة ، وأن يُلهم أهاليهم الصبر والسلوان. إن هؤلاء المفحطين لم يدركوا أن السيارة نعمة من نعم الله تعالى ، والتي صنعت للتنقلات ، وقضاء الحاجات ، فكان الواجب منهم شكرَ المنعم سبحانه وتعالى ، فبالشكر تدوم النعم ، وأن تستخدم السيارة وفق الأسس الآمنة لها ، والقواعد المنظمة لسيرها. وما علمنا عن المفحط إلا ممارسته لهواية مميتة ، وهو الذي لم يدفع في سبيلها ريالاً واحداً ، فهي إما سيارة مسروقة ، أو سيارة مملوكة من أسرته الثرية ، والتي يسير فيها بسرعات عالية ، ويقودها بحركات بهلوانية ، وتحت أنغام الأغاني الشرقية ، والرقصات الغربية ، وربما تحت تأثير المخدرات أو المسكرات ، ثم يدمن على هذا الفعل الشنيع الشرير ، ويستمر في هذا السلوك المشين الخطير. المفحط هو ذلك الذي يظن أن في صنيعه رجولة ، أو أن بفعله بطولة ، يلعب بسيارته طمعاً في تهافت المعجبين عليه ، ورغبةً في الصيت والشهرة ، بينما هو لا يبصر عواقب طيشه ، ولانهاية عبثه ، يغامر بروحِه ، ولا يأبه بها ، ولا بأرواح من يشاهده ، لأنه لا يعلم أن للنفس حرمة عظيمة ؛ وأن أمانة الإنسان عليها كبيرة ؛ فلا يجوز إتلافها ، ولا رميها إلى التهلكة والمهلكة. ألا ليت المفحط يملك العقل والبصيرة ؛ فيعتبر بما في القبور من موتى ، وبما في المصحات من معوقين ومرضى ، وذلك نتيجة للاستخدام السيئ لمقود السيارة! ومع دخول موسم الاختبارات النهائية ، يكثر مسلسل التفحيط بين الطلاب ، فمن المسؤول عن حماية أبنائنا؟! لماذا لا نحاسب الأسر والمدارس ؛ التي لا تهتم بالتوجيه والتربية ، ولا تعتني بالمراقبة والمتابعة؟! لماذا لا تتابع الجهة المختصة ؛ الأماكن التي اشتهرت بالمفحطين ، وتواجد المشجعين المخدوعين؟! لماذا لا نساعد المفحطين ؛ على توفير الأعمال الملائمة لهم ، فإن غالبهم من أهل البطالة. ويا أيها المفحط : (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وأثماً مبيناً ) ، و (من آذى المسلمين في طرقهم وجبت عليه لعنتهم) ، و (من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً). أسأل الله تعالى لي ولكم السلامة والعافية.