مع عالم الثورة المعلوماتية (تويتر ، يوتيوب ، فيسبوك) ، وفي ظل تزايد المتابعة لشبابنا وبناتنا التي وصلت حسب الإحصاءات الأخيرة إلى (70%) في السعودية ، صار الحديث عن الأفكار والتجديد سمة بارزة في المجتمع ؛ إذ ما عادت لغة الآباء والبيئة والعائلة مسيطرة أو مؤثرة بدرجة كبيرة على أبناء الجيل ، بل إنه مال إلى التفرَّد ، الناتج من انطوائية مستمرة من خلال متابعة مقاطع اليوتيوب ومتابعة تعليقات (تويتر ، فيسبوك) ؛ مما أدى إلى إحداث هزات متتابعة يعقبها قرارات عاجلة. لقد أصبح جيل اليوم يتابع الخبر لحظة بلحظة ، ويعبّر عنه بكل تلقائية في حدود مساحة ضيقة قد لا تتجاوز (140) كلمة فقط ! وهذا الاختزال للتعبير في مساحات شبكة الإعلام الجديد ، جعلت أفكاره تثور بعبارات بعضها تميل إلى السخرية ، وأخرى تميل إلى التحليل ، وثالثة تميل إلى الاستشهاد والاستدلال بالروابط ، ورابعة إلى الطرفة ؛ مما جعل لبعض الكتاب نكهة خاصة ، ومدرسة في التعبير العفوي في تلك الساحات. والحقيقة أن القفز على هذه الساحات بمجرد الانبهار دون النظر فيها ، واستقراء أبعادها ، هو في تقديري غيبوبة عن طبيعة الحراك الدائر في الوسط المحلي ، والمشهد الاجتماعي والثقافي بل والأمني. وثمة ملف آخر يمكن الالتفات إليه في موضوع ثورة شبكة الإعلام الجديد ، هو الزخم الهائل من الأفكار التي تبني بمجموع ما فيها وما لها وما عليها ، خطوات ومشروعات ، ولربما تيارات معرفية جديدة داخل المجتمع. ومن تابع الفيلم الوثائقي الذي أنتجته قناة الجزيرة عن ثورة (25 يناير) ، يدرك أثر هذه الوسائل الإعلامية الحديثة ، موثقة بالصوت والصورة والتاريخ ثانية بثانية !. وحيال ذلك قد لا نعجب من تغيرات مفاجئة وشبه مفاجئة في سلوكيات وأفكار واهتمامات الشباب والبنات. إن هذه الطفرة المعلوماتية هي فرصة سانحة للحكماء والعقلاء كي يراعوا مستجدات عصرهم ، ويستثمروها في بناء مشروعات عملية تخدم الوطن والمجتمع ، وتسهم في إسعاد الناس المحتاجين قدر المستطاع ، كما أنها تحرك المياه الراكدة ، والبيروقراطية الجامدة التي تعطل الأحياء والحياة. وإذا كان المجتمع الغربي آمن بأثر هذه الأدوات الحديثة كما لاحظناها في حملاتهم الانتخابية وفي مقدمة ذلك ما فعله الرئيس الأمريكي (أوباما) مع حملته الإنترنتية عبر الفيس بوك والتي قادها الشباب ، وما أصله كنظرية الكاتب الشهير: (كاستلسي) في كتابه (مجتمع الشبكات) ، فإن كل هذا يدعونا إلى إدراك حجم هذه الآلات الهائلة في نشر ثقافة عاقلة وحكيمة وبانية وفاعلة في المجتمع. ولذا يكون من المهم التأكيد على التوجه الجاد والمدروس والمتقن والمبدع للتعامل مع هذه الشبكة الإعلامية الحديثة لمن يريد التجديد ، فثمة فرص هائلة ، ومساحة لا يستهان بها لتكوين مشاريع دعوية وتنموية متخصصة بتمويل يسير للإسهام في إحياء الدور التربوي والأخلاقي والحضاري. خاصة إذا آمنا أن المشاهدة لهذه الشبكة المعلوماتية الجديدة ما عاد يتطلب جلوسًا طويلًا في الغرف وعلى الطاولات ، بل صار متاحًا في يد كل إنسان ، وفي كل مكان. وقد يكون الوقت الطويل الذي تُغيَّر به الأفكار سابقًا ، صار اليوم سهلًا بحكم عوامل الزخم المعلوماتي السريع في الجهاز المحمول ، والأهم من هذا قابلية الإنسان للتأثر السريع بها ، ولعله الزمن الذي صارت فيه جملة من الأفكار كالسكَّر تذوب سريعًا ، وتتذوق سريعًا !!