حقيقة لا يستطيع أحدٌ أن ينكرها أو يقفز عليها ، وقد تكون هذه الحقيقة أحد الأسباب الرئيسية في انتشار البطالة في السعودية ، وتتمثل هذه في (استعابة) السعوديين العمل المهني!! ونظرة بعضهم الدونية إلى كل مَنْ يمارسونه ، مع أن نبي الله داوود كان حداداً وشعيب كان خياطاً ونوح كان نجاراً .. إلا أن ذلك لم يُنقذ أصحاب الحرف والمهن من نظرات (أبناء الأكرمين) الذين يُصرِّون على الاحتفاظ بنظريتهم التي تسخر بالمهنيين!! وليس هناك أجمل من الاعتراف بهذا الخطأ كما فعل الشاعر الكبير ضيدان بن قضعان العجمي عندما قال: رحنا ضحايا سلوم وحطام عادات=وعادات أهلنا نستعيب الصناعة ربما يبدأ الحل الأمثل لمثل هذه المشكلة من المدرسة ، وذلك من خلال حِصَص عملية يتعلم فيها الطلاب بعض المهن البسيطة التي يتم اختيارها بعناية ، وليس الهدف هنا أن يتقن الطالب المهنة بقدر أن يكسر حاجز العيب الذي يسيطر عليه ، ومثل هذه الحصص ستجعل الجميع يمر بمرحلة العمل المهني ولو لوقت قصير ، وستُنشر ثقافته وتزيد من الوعي بأهميته. دور الإعلام في نشر ثقافة العمل لا يُستهان به أبداً ، وما زلنا إلى هذا اليوم نتذكر زيارة الوزير الراحل غازي القصيبي -رحمه الله- لأحد محال الكوفي شوب ، وارتداءه لباس العمل ، وتقديمه المشروب للزبائن بنفسه ؛ لذا فإننا بحاجة إلى مشاهد لسعوديين يعملون بأيديهم في المهن المختلفة!.. لا نريد أن نرى سعودياً يعمل في صناعة الأواني الفخارية القديمة أو الأحذية الزبيرية أو سلال الخوص أو الخناجر والسيوف ، كما يعرض إعلامنا دائماً ، بقدر ما نحتاج إلى مشاهدة سعوديين يعملون في الخياطة والنجارة وصناعة السيارات وإصلاحها وغيرها من المهن الدارجة في السوق المحلي ، وبالتأكيد فإن مثل هذه المهن ستكون بديلاً جيداً عن التسول أو السرقة أو الاتجار بالممنوعات أو مد اليد للجمعيات الخيرية أو حتى العمل براتب 1500 ريال في إحدى الشركات التي تدعي امتثالها لقرارات السعودة!!