أنيس منصور * نقلا عن "الشرق الأوسط" اللندنية ردا على ما كتبه د. محمد عبد الحميد سيف الدين أستاذ التاريخ، فقد قال إن العرب لم يلتفتوا إلى الذي كان يعمله الأمير أو الخليفة إلى جانب نشاطه السياسي والديني. أي أننا لم نعرف من أي شيء كان يتكسب هؤلاء من قبل اشتغالهم بالسياسة. فقد غطت السياسة على كل الألوان الأخرى.. وقال: ومن النادر أن يذكر أحد مهنة الزعيم كأنها عورة. وكأن الخليفة قد ولد خليفة والأمير أميرا من يومه. وهى ملحوظة وجيهة. لولا أنني قرأت لصديقي أبو حيان التوحيدي في كتابه (البصائر والذخائر) هذه العبارة التي جاءت ردا على ملاحظات د. سيف الدين. يقول أبو حيان: كان أبو طالب عطارا وأبو بكر بزازا وعمر دلالا يسعى بين البائع والمشتري وعثمان بزازا وكذلك طلحة وعبد الرحمن بن عوف. وكان سعد بن أبي وقاص يبري النبل، وكان العوام أبو الزبير خياطا وكان عمرو بن العاص جزارا. وكان الوليد بن المغيرة حدادا، وكذلك كان القاضي بن هشام أخو أبي جهل. وكان عثمان بن طلحة الذي دفع إليه النبي صلى الله عليه وسلم مفتاح البيت خياطا. وكان أبو سفيان بن حرب يبيع الزيت. وكان عتبة بن أبي وقاص أخو سعد نجارا. وكان القاضي أبو عمر بيطريا يعالج الخيول. وكان الحكم بن العاص خصّاء أي يخصي الغنم. وكان أبو حنيفة بزازا. وكان المهلب بن أبي صفرة بستانيا. وكان الحجاج بن يوسف الثقفي معلما وكذلك أبوه.. الخ. ويختتم أبو حيان التوحيدي بهذه العبارة الدقيقة المتواضعة: هذه صناعة الأشراف سقتها على ما وجدتها.. ولكن المؤرخين العرب لم يذهبوا إلى أبعد من ذلك تأدبا واحتراما. فلم نقرأ أن فلانا كانت له عشيقة اسمها كذا أو كان يغيظ زوجته فيعلن بالصوت والصورة عن عشيقاته المراهقات كما يفعل برلسكوني رئيس وزراء إيطاليا وغيره!