في هذا الوسط الرياضي الكبير دائماً ما تصبح الريادة فيه ملكاً لمن يتهم ويدين ويصرخ ويضلل ، ففي هذا الوسط الكبير كلمة الفصل الأولية لا تزال ملكاً للمتعصبين أو بالأحرى لتلك الفئة التي تتعاطى قراءة الأشياء تصريحاً وتلميحاً من خلال العاطفة ومن خلال ما تمليه عليهم. هذه الصورة القاتمة التي أنهكت الرياضة وأتعبت أهلها لم ولن تضيف لنا سوى الكوارث ، وعندما أقول الكوارث فالتعصب المقيت هو في سياق هذا المعنى يمثل قمة الكارثة وأساسها. كنت وما زلت على قناعتي بأن الرياضة السعودية ومن أجل أن تتجاوز عثرة التعصب فهي اليوم في أمس الاحتياج لنوعية الأمير عبدالرحمن بن مساعد ونوعية فكرة ونوعية روحه الرياضية التي أضحت من ثوابت نهج إدارته ، أما المأسورين لإملاءات التعصب والمتعصبين فهم أشبه ما يكونوا بعود الكبريت الذي يشعل الفتيل ويحرق النار ويؤجج الاستقرار ليس على الميدان وإنما يؤجج الاستقرار حتى في تلك المدرجات التي يقطنها البسطاء وأصحاب التعليم المتوسط قبل أن يقطنها أصحاب العلم والمعرفة والفهم العالي. بالأمس قدم لنا رئيس الهلال درساً آخر في كيفية التعاطي الصحيح مع الرياضة ، فالأمير عبدالرحمن بن مساعد عندما سئل عن معطيات اللقاء التنافسي الذي جمع فريقه الهلال بالاتحاد لم ينحاز لعواطفه ولم يلتفت لرغبة المتعصبين بقدر ما ذهبت إجابته لتؤكد جلياً كل الفوارق بين هذا الرياضي الواعي وبين البقية. قلما تجد رياضياً يحمل لواء المسؤولية يعترف بحقوق الخصم، ففي واقع معايشتنا للمشهد الرياضي لم يسبق لنا معاينة مثل هذا الإنصاف ولكن ولأنه شبيه الريح فلا مجال وأنت تستمع له إلا أن تقول ببساطة (أصابع اليد لا تتساوى). ماذا لو أن تلك الجزائية التي تجاهلها حكم اللقاء كانت هلالية هل سنجد اتحادياً مسؤولاً يتحدث بوتيرة ما تحدث به رئيس الهلال؟ سؤال بسيط في طرحه ، كبير في مضمونه ، مفيد في إجابته مع أن الإجابة كفيلة بأن تقدم لنا كرياضيين بعضاً من نهج هذا العملاق الذي بات يؤسس لواقع رياضي تسوده الروح الرياضية والأخلاق .. واقع يعتمد على حضارية التعامل ونبذ التعصب والإنصاف. في تصوري الشخصي أن تصريحات الأمير عبدالرحمن واعتقاده بصحة ضربة الجزاء الاتحادية دونما تحفظ هي تصريحات شجاعة تضيف له ولن تصبح عبئاً عليه ، أما الذين مارسوا الصخب عبر تلك العقود مستغلين السطوة الاجتماعية فكم نحلم في أن يتعلموا ويعملوا ويقتبسوا من هذا النهج الجميل الذي أثرى به الأمير عبدالرحمن بن مساعد ساحة ومسامع المحبين للوسط الرياضي الذي سنظل نراه جميلاً حتى وإن اختلط فيه الحابل بالنابل والصالح بالطالح. عموماً كرة القدم يجب أن تجمعنا لا أن تفرقنا وكرة القدم قبل أن تصبح لعبة للإثارة هي أولاً وأخيراً رسالة أخلاق وبالتالي يجب على كل من له علاقة بهذه اللعبة أن يرسخ في أذهان الجمهور أهمية هذه الأشياء لأنها الوسيلة الأكثر أماناً للقضاء على التعصب ، فشكراً شبيه الريح لقد نجحت في وقت رسب فيه الكثيرون .. وسلامتكم.