اعتادت مستشفياتنا أن تستقبل في ليالي رمضان وأيام العيد عدداً من المصابين أو المتوفين في حوادث مرورية- نتيجة الدهس أو الاصطدام أو الانقلاب- يفوق عدد الحوادث في بقية الأيام الأخرى. بعض المستشفيات تعقد اجتماعات طارئة عند قدوم شهر رمضان وعيد الفطر، لاتخاذ قرارات مهمة، من ضمنها: عدم منح أطباء العظام إجازات في هذه الأوقات؛ ليس من أجل استقبال رمضان أو العيد، بل من أجل استقبال الحوادث المتوقع تزايدها في الليالي المباركة؛ حيث تبدأ في التكاثر مع أول ليلة في رمضان، ثم تزداد في الليالي الأخيرة من العشر الأواخر، وتبلغ ذروتها في ليلة العيد؛ ويحدث هذا نتيجة لتعبير الشباب عن فرحتهم بشهرهم المبارك وعيدهم السعيد؛ فيزيدون في السرعة كلما زادت لديهم نسبة هرمون الفرح والسرور في عقولهم، وعجلات سياراتهم؛ فتجدهم يتسابقون ويتَحدّون بعضهم بعضا لمعرفة أيهما يفوز على الآخر؛ وتكون النتائج: أيهما قتل أكبر عدد من المشاة، وأيهما خرج بأكبر عدد من المعاقين؛ ناهيكم عن كم عائلة قَضَى أفرادها نحبهم جميعاً في ليلة واحدة، وكم رب أسرة قُضِي عليه وهو عائد لأطفاله بهدايا العيد، وكم طفل تسلم ملابس العيد وعَيّد في كفنه، وكم أم حامل لم يُمهلوها لترى ابنها، ولم يمهلوا ابنها ليرى الحياة! لم أر في حياتي قط مثل هذه المشاهد الموجعة التي لم تتوجع لها ضمائر المتهورين، ولم تستيقظ لها اهتماماتهم؛ لأنهم مازالوا مصرين على عدم احترام النظام؛ ولذلك لا احترام عندهم للتقيد بالسرعة القانونية، ولا احترام للإشارات الضوئية ولا العلامات التحذيرية.. أما إنْ أراد أحدنا أن يشاهد ذلك بنفسه، فما عليه إلا الوقوف بجانب أحد الطرقات قبيل أذان المغرب؛ وأنا أضمن له مشاهدة غير ممتعة، تبعث على التقزز لما يراه من قطع الإشارات، وتخويف الناس جراء تجاوز سياراتهم سرعتي الصوت والضوء؛ وكأنما غايتهم الوصول إلى كواكبَ دربِ التبانة قبل أذان المغرب، أو لحرصهم الشديد على اتباع السُنّة بتطبيق الحديث الشريف "لا يزالُ الناسُ بخير ما عجلوا الفطرَ".. لأن اليهود كانت تؤخر فطرها. أتمنى على المرور أن تكون هديته لنا وللأجيال القادمة: تطبيق نظام ساهر عاجلاً في بقية مناطق المملكة، مع تطوير إجراءاته لتفادي أي ملاحظة عليه، ليواصل رسالته الأخلاقية في تهذيب وتأديب غير المبالين بسلامة الناس وصون أرواحهم الزكية. قلت : من الجهل أن تفقد ثقتك في (ساهر) من حيث حرصَه على مواجهتك بأخطائك.