أصبح المشهد التونسي هو الأحدث والأبرز على الساحتين السياسية والشعبية في العالم العربي. وامتدت عدوى احتراق المواطنين العرب لتشمل الجزائر ومصر وموريتانيا ، وبدأنا نلمح اتجاهاً جديداً في التعبير عن الحاجات والمطالب الشعبية ، وكأنهم ينتظرون الحدث المحفّز لاستخدام تلك الوسائل التي يرى البعض أنها صادقة ولكنها بائسة تدعو للاشمئزاز والتعاطف في آن واحد. *التأثير النفسي لأزمة تونس أمتد لبعض الأحزاب الحاكمة على شاكله المثل المصري (اضرب المربوط .. يخاف السايب) ، وبدأت أنظمة معينة تضع يدها على قلوبها خشية تكرار ما حدث بل بادرت حكومات إلى اتخاذ تدابير وإجراءات استثنائية لمواجهة الأزمات ، ومعالجة بؤر الاحتقان الشعبي ، واحتواء الغضب ، وسارعت إلى خفض الأسعار وإطلاق الوعود بإيجاد حلول للبطالة والفقر وحقوق الإنسان. بعد أن شعرت تلك الحكومات بأن حِراكاً يعتمل داخل مجتمعاتها ، وأن شعوبها باتت مستعدة للانفجار في أي لحظة. سؤالي: لماذا فهمت تلك الحكومات مطالب شعبها الآن؟ ولماذا بدأت في تحسين أسلوب المعاملة مع المواطنين وتنبيه أجهزتها الرسمية بالبُعد عن كل ما يستفز المواطنين؟ ولماذا لم تخفض الأسعار وترفع الضرائب ، وتبدأ في حلول البطالة إلاَّ بعد أن أشعل بوعزيزي فتيل الثورة في جسد النظام؟ * يا سادة يا كرام ما حدث في تونس كان رسالة للقلوب التي اعتراها القلق والخوف ، وربما لن يسلم من تأثيرها إلاَّ الحكومات النظيفة من براثن الفساد ، التي تعيش شعوبها في بحبوحة من العيش ، وسعادة ، وحرية. أمّا الشعوب التي ضاقت بها الحياة فأصبحوا يرددون: (ارحلوا قبل أن تُرحّلوا).