أخيرًا أذعنت الولاياتالمتحدة لإصرار إسرائيل على عدم إعطاء حتى مجرد وعد (فارغ) لتجميد المستوطنات في بعض المناطق المحتلة. ومع فوز (الجمهوريين) بمعظم مقاعد مجلس النواب ، فإن الإذعان سيتضاعف ، والانبطاح سيشتد. ولو أن أملاً بلغ 5% في تحقيق شيء من همهمة وهذر أوباما الذي أعلنه في القاهرة قبل عام ونصف ، فإن ذلك الأمل سينقلب اليوم إلى سالب 50% ، أي أن إسرائيل ستزداد فرعنة ، واليهود سيتضاعفون علوًّا في الأرض وإفسادًا. وها هي مزيد من بوادر الفرعنة والاستعلاء تبدو واضحة جلية ، إذ ذكرت الشرق الأوسط (26 نوفمبر) أن إسرائيل دمّرت منازل وقرى ومنشآت فلسطينية تابعة للسلطة الوطنية (الصديقة) ، ومنها طريق الحرية في قرية بني حسان ، وقرية أبو العجاج في الأغوار ، وهو طريق أشرف على إنشائه الدكتور سلام فياض رئيس الحكومة الفلسطينية (غير المقالة) . وأعلن فياض أن هذه الأعمال التخريبية والتدميرية تؤكد مرة أخرى مدى استهتار إسرائيل بإرادة المجتمع الدولي ، واستمرارها في محاولة تقويض جهود السلطة لتقديم الخدمات لمواطنيها. طبعًا لم يذكر فياض ترتيب هذه (المرة الأخرى) من كثرتها ، وعدم قدرته على متابعتها ، فقد بدأت مع مولده قبل أكثر من 60 سنة ، وستستمر سنوات أخرى إلى أن يقضي الله أمرًا كان مفعولاً. ولئن كانت إسرائيل راغبة في استمرار سياسة حرق الأرض وتدمير البنى التحتية والفوقية واعتقال الفلسطينيين يوميًّا في الضفة التي تديرها حكومة فياض ، فذلك راجع لها ، لكن المدهش هو إصرار السلطة بقضها وقضيضها ، ورئيسها ورئيس حكومتها على الاستمرار في محادثات السلام مستمسكين بخيارهم الوحيد الذي هو السلام ، وحقيقته الاستسلام والإذعان ، في حين تصر إسرائيل كذلك على خيار السلام بدون شروط مسبقة ، وحقيقته التدمير والطرد والإهانة واغتصاب مزيدٍ من الأراضي ، وإعلان إسرائيل دولة يهودية بحتة. متى يبلغ السيل الزبى في نظر السلطة الوطنية الفلسطينية؟ لا أحد يتوقع قريبًا حدوث ذلك ، إذ لا زالت أمريكا في نظر السلطة المنقذ الوحيد ، والوسيط النزيه ، والحكم العادل ، والأمل القادم ولو بعد قرون. لن يتغير وضع السلطة حتى يأتي وعد الله ، ووعد الله مهما بعد قريب !!