أن المتأمل لحال شعوب الأرض منذ أن أوجدها خالقها سبحانه وتعالى ، ليجد أن هذه الشعوب قد لا تهتم بشئ قدر اهتمامها بمعرفة أخبار وأحوال ملوكها ورؤسائها ، كيف لا ؟ ، ومصير تلك الأمم والشعوب مرهون بقدرة الله في تلك القيادات والزعامات ، ناهيك عن كون تلك الشعوب على اختلاف ثقافاتها وأيدلوجياتها ، تتخذ دوماً من ملامح حياة ملوكها نبراساً اجتماعياً لها ، تحاكي فيه بتلقائية الإنسان الفطرية ، شخصيات أولئك القادة والملوك سواء في الملبس والمسكن ، والمركب بل ربما حتى في المظهر . وبتلك التلقائية البسيطة نجد إن تأثير تلك القيادات على شعوبها يصبح امراً حتمياً تمليه رمزية تلك القيادات في حياة تلك الشعوب ، ومن هنا نجد الارتباط الوجداني اللاشعوري الذي يكتنف ملامح شخصيات الملوك والرؤساء وحياة شعوبها ، ولعل هذا الأمر يتضح جلياً في حياة الشعوب الشرقية التي جُبلت على العاطفة الجياشة تجاه رؤسائها وملوكها ، تزداد تلك العاطفة طرداً كلما تعلقت قلوب تلك الشعوب بحب وتقدير ملوكها. ونحن في هذا البلد الطيب ، قد تمازجت عاطفة الشعب بعاطفة القيادة على مر تاريخها تمازجاً طبيعياً أفرزته عاطفة الولاء الصادق من الشعب لقيادته ولاءً أملته مصادر التشريع التي يدين بها شعب المملكة لخالقه ، ويتعبد ربه بذلك الولاء الصادق والحب الكبير لقيادته ، يقابله عاطفة أبوية جياشة تحنو بها القيادة السعودية على شعبها على مر عصورها منذ إن أسسها المؤسس -طيب الله ثراه - تواتراً بحقب أبناءه البررة حتى عصرنا الحاضر في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله وشفاه ، وسمو ولي عهد الأمين والنائب الثاني حفظهم الله جميعا ، إذ اعتاد الشعب السعودي على هذا الحنو الفريد الذي تتلمس فيه قيادته حاجاته ، وتسعى جاهدة على تفقد أوجاعه وآلمه وتتطلع لنجاحاته. وكم شكر هذا الشعب لمليكه تلك الشفافية التي باتت سمه غالبة على عصره ، يصارح فيها شعبه بكل ما يهمه من أمور عامة وخاصة ، حتى أضحى الشعب السعودي من أكثر الشعوب طمأنينة، انعكست على ولاء وحب هذا الشعب لمليكه ، وخير مثال لذلك وضوح الرؤية لدى عامة الناس بالمملكة عن المرحلة العلاجية التي يمر بها خادم الحرمين الشريفين شفاه الله الآن ، حتى أضحى ما لدى العامة لا يختلف عنه عن ما لدى خاصتهم ، فتبدد بذلك ليل الإشاعات وزالت حلكة الأقاويل الباطلة ، وماذلك إلا بالنظرة الثاقبة ، لهذا الملك الإنسان الذي آل على نفسه أن يجسد ارتباطه بشعبه ارتباطاً عملياً من خلال مشاركته الهموم والآمال ، ولاغرو في أن نلمس نبض الشارع وتفاعله مع هذه المرحلة العلاجية بكافة فئاته ، اذ نجد الجميع يلهج بالدعوات الخالصة بأن يمنْ الله على مليكهم بالشفاء العاجل وأن يرده إليهم سالماً معافاً ، في مشاعر فياضة وصادقة لا يريدون بها درهماً ولا ديناراً ، ولا يتزلفون بها لأحد ، بقدر ما تلهج بها السنتهم تلقائياً متعبدين بها لربهم . فليت شعري كم هي تلك الدعوات والعبارات بالعبرات نبست بها شفاه أبناء هذا الشعب النبيل رجالاً ونساءً كباراً وصغار ، في ملحمة تجسد أروع الترابط والتلاحم الصادق بين القيادة والشعب ، مما لا يجد معه الطامع ملجأ أو مغارات أو مدخلاً ، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون. شفى الله خادم الحرمين الشريفين ورده سالما غانما لشعبه ووطنه. ---------------------------- معالي مدير جامعة القصيم