سألني أحد الأحبة قائلاً: لا أرى أي احتفاء في هذه الأيام بمناسبة قدوم عشر ذي الحجة!! فقلت له: صدقت، حتى إن كثيراً من الخطباء لم يتحدثوا عنها! وحتى لا أقع في مغبة الاستهانة بهذه الأيام العظيمة عند الله، ها أنذا أستعين بالله بذكر هذه الفضائل: هي أعظم أيام الدنيا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أفضل أيام الدنيا أيام العشر» كما في صحيح الجامع. وهي التي أقسم الله تعالى بها في قوله: (والفجر وليالٍ عشر). ولك أن تتخيل معنى كونها أفضل أيام الدنيا، وهل حالنا يدل على أننا نستقبل أفضل أيام حياتنا؟! والعمل الصالح في هذه الأيام يحبه الله، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من أيام أعظم عند الله، ولا أحب إلى الله العمل فيهن من أيام العشر، فأكثروا فيهن من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير».. رواه أحمد بسند جيد. وقد جمع الله في هذه العشرِ أياماً مباركة، وأعمالاً فاضلة، ففيها يوم التروية، وفيها يوم عرفة، الذي يباهي الله بحضور أهله أهل السماء، وفيها ليلة المزدلفة، وفيها «يوم النحر أعظم يوم عند الله» كما في سنن أبي داود، وفيها الصيام، وفيها كثرة التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير. وفيها شهود المنافع الخاصة بالحجاج كما قال تعالى: (ليشهدوا منافع لهم). وإذا نحنُ تأملنا هذه الفضائل مجتمعةً فهمنا لماذا ذهب الحافظ ابن رجب إلى تفضيل هذه العشر المباركات على العشر الأواخر من رمضان. وإذا كان لهذه العشر كل هذه الفضائل والخيرات.. فإنني أتساءل: أين الذين يسعون إلى ما يحب الله؟ أين الجادون العاملون الذاكرون العابدون؟ أين المتصدقون على الفقراء والمساكين والمرضى؟ أين الساعون في الدعوة بنشر الخير وعمل البر؟ أين الوعّاظ المشتغلون بالتذكير والنصيحة؟ أين المبدعون والمصممون الذين ينشرون اللوحات الإرشادية الإبداعية؟ أين الإعلاميون والفنانون الذين يعرضون برامج ومشاهد عن أفضل أيام الدنيا؟ أين المنشدون وأصحاب الأصوات الشجية الذين يذكّرون بهذه الأيام؟ إن على كل أصحاب الطاقات والإمكانات والإبداعات، أن يعملوا عملاً صالحاً ذاتياً ومتعدياً لخدمة أمتهم، وضيوف الرحمن بينهم. اللهم أعنّا في هذه الأيام على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.