اسمحوا لي أن أتغزل في مدينة الرياض، وأقول: إنها في نظري أجمل المدن العربية على الإطلاق، بل وأجمل من عواصم ومدن عالمية أخرى شهيرة عرفتها، فهي عندي أجمل تخطيطًا. وأقول تخطيطًا حتى لا يحاسبني أحد على التفاصيل. "الرياض" رائعة التخطيط، وهي عندي تشبه لوحة "الموناليزا" التي ما زالت ابتسامتها محيرة النقاد والمتذوقين حتى يومنا هذا وإلى ما شاء الله. وهذه الروعة في التخطيط ليست عصية الاكتشاف على أحد أي أحد إذ يكفيه أن يسير على طريقها الدائري من أي نقطة يختارها ويواصل مسيره إلى أن يعود إلى ذات النقطة دون أن يتوقف لحظة واحدة، فإذا اختار كما فعلت أيضًا وقتًا هادئًا خارج أوقات الذروة المرورية فإنه سيتمكن من السير البطيء، ليرى بأم عينيه جمال تخطيط شوارعها الرئيسية التي تخترقها عرضًا وطولاً ابتداءً من المخارج ال28 المتاحة لها على الطريق الدائري وانتهاء بالطريق الدائري نفسه في الجهة الأخرى، فمن الجنوب إلى الشمال، ومن الشرق إلى الغرب تخترقها شوارع فسيحة رئيسية بأسماء شهيرة معروفة لا يمكن أن يضيع معها أحد. قد يقول قائل، وما الداعي لكل هذا التوصيف والغزل وكلنا نعرف "الرياض"؟ وأقول ليس كلنا، فبعض سكان الرياض كما أعرف لا يعرفها كما رأيتها في آخر زيارة، وقد جاء اكتشافي هذا بفضل صديق عاشق لها، شكوت إليه صعوبة السير في طريق الملك فهد، فأخذني في جولة "دائرية" في منتصف الليل، وعند نهايتها قال: علينا أن نكتشف الجمال عندنا أولاً، وقد فعلت كما أراد، وأسرني ذلك الجمال فعلاً، ومن يشكك فعليه أن يفعل كما فعلت. وحتى لا يظن أحد أنني أبالغ فسأتوقف عند بعض التفاصيل التي أهمها صعوبة الحركة المرورية داخلها في أوقات الذروة والحفر البارزة في بعض شوارعها الداخلية، ولا أنسى فوضى حركة السيارات التي أظنها تحتاج إلى "ساهر" لكل "داتسون"، لكنني لا بد أن أشير إلى "تفصيلة" رائعة، قد لا يكون لها نظير في مدينة صحراوية، ألا وهو "الإخضرار"، فالرياض مدينة خضراء، بل إن مساحة الإخضرار فيها "حدائق، وتشجير شوارع" في مناخ وأرض كمناخها وأرضها لا يمكن أن يصدقه إلا من يشاهده. ومع كثرة اللوحات الإرشادية، إلا أنها مكتوبة للعرب وحدهم، وبودي أن أهمس في أذن الدكتور الأمير عبدالعزيز بن عياف الذي جعل من الأمانة منبرا للثقافة والتنوير، أن زوار الرياض والمقيمين فيها والمتطلعين إليها ليسوا كلهم عربًا و"الإنجليزية" لغة عالمية، والرياض من أبرز المدن العالمية. إنني لا أعرف من الذي رسم تخطيط الرياض هندسيًا لتصبح على هذا النحو التخطيطي البديع، لكنني أعرف أنه منذ أن قامت هيئة تطوير العاصمة شهدت قفزات حضارية ضخمة، ومازالت تقفز بتوثب وطموح، ولذلك فإنني أتمنى أن يكون لكل مدينة في بلادنا هيئة عليا للتطوير لكنني تذكرت مع هذه الأمنية، فتأملت، فوجدت السؤال يقول: ومن أين لنا برئيس لكل هيئة تطوير، في قامة وثقافة وفكر وطموح وعزيمة ومتابعة ودقة وانضباط "أبو فهد" سلمان بن عبدالعزيز؟ الذي اشتاقت له "عروس نجد" وكل من يحبها ويذكر اسمها من شاطئ البحر إلى ساحل الخليج.