مما لا شك فيه بأن الثورة التي يمر بها العالم في تقنية الاتصالات جعلت من مهمة التواصل بين الناس في شتى بقاع الأرض أمراً سهلاً ، فجهاز الجوال أصبح الآن أكثر من مجرد وسيلة للاتصال بالآخرين وذلك نظراً لما وفرته القفزة الهائلة في هذا المجال من تقنيات وبرمجيات جعلت من جهاز الجوال بمثابة الصديق الشخصي لمستخدميه ، وبسبب خصوبة ذلك المجال وقابليته الكبيرة للتطور فقد نشأت شركات عديدة في كل أنحاء العالم تقوم بتوفير الخدمات للمواطنين مقابل مبلغ مالي يدفع لهم وتحرص تلك الشركات على كسب العملاء عن طريق منحهم أفضل السبل الممكنة والتي تجعله راضياً عن الشركة التي تُقدم له الخدمة . وبما أن بلادنا تُعد واحدة من أكثر بلدان العالم تطوراً فقد نشأت العديد من شركات الإتصالات والتي تتنافس فيما بينها من أجل تقديم الخدمات للمواطنين ، ولكن للأسف فإن تلك الشركات تستغل حاجة المواطن الماسّة لتقنية الإتصالات وتقوم بإبرام عقد مجحف معه ، فشركات الإتصالات تضع كافة الإلتزامات على عاتق العميل ولا تلتزم سوى بتقديم الخدمة بغض النظر عن مدى جودتها ، كما أنها تسعى بإستمرار إلى إيقاع اللوم والخطأ على العميل حتى وإن كان الخطأ عائد لمشكلة تقنية تخص الشركة ، وفي حالة رغبة العميل بتقديم شكوى حيال أي عقبة من العقبات التي تعترضه من مقدمي الخدمات فإنه يُفاجأ بأن الشركة تطلب منه سداد ما عليه من المستحقات قبل التقدم بالشكوى وهي طريقة يُعاقب فيها العميل قبل أن تعلم الشركة ماهو سبب الشكوى وكيف ستحاول كسب ثقة المستخدم ، وحتى وإن رغب المستخدم بعد قيامه بالسداد أن يتقدم بشكوى ضد إحدى شركات الإتصالات فإنه سيكتشف بأن الشركة ستحجب عنه كافة المعلومات المتعلقة به لدى الشركة مما سيجعلها خصماً وحكماً في ذات الوقت وهو يناقض بشكل صارخ فكرة العدالة وحق المواطن في التظلم عما أصابه من ضرر من شركات الإتصالات . ولكن لو نظرنا إلى حال شركات الإتصالات في أوربا لتعجبنا من حجم الإهتمام الممنوح للعميل من قبل مقدمي الخدمة ، وسنجد أن شركات الإتصالات تبذل المستحيل في سبيل إضفاء الرضا على عملائها ، وأنه في حالة رغبة العميل بالتقدم بشكوى ضد إحدى شركات الإتصالات فإن الدولة تكفل له هذا الحق ويُجبر القضاء الشركة مقدمة الخدمة على تقديم جميع المعلومات المتعلقة بحساب العميل المتظلم ، أتمنى أن تكون في بلادنا لجنة تابعة لهيئة الإتصالات تمنح للمواطن الحق في التظلم في حالة وجود خطأ وقع من إحدى شركات الإتصالات ، وقبل ذلك أتمنى أن تُحسِّن شركات الإتصالات من أسلوبها في التعامل مع عملائها عوضاً عن إجبارهم على السداد في سبيل التقدم بشكوى لم ولن يكون هناك طائل منها ، فالعملاء هم الوقود المغذي لتلك الشركات وبدونهم لن تكون لشركات الإتصالات قيمة . والله من وراء القصد ,,,